للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى مدى التاريخ الإسلامي كانت العناية بالأطفال فائقة، وكان المسلمون يبادرون إلى تربية الأيتام ورعاية اللقطاء، ويحسنون إليهم، ويجعلونهم مثل أبنائهم، لكن دون أن يلحقوهم بهم نسبًا. قال تعالى مبطلًا التبني: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٤ – ٥] .

وأبطل الله سبحانه وتعالى تبني النبي محمد صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة. قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: ٣٧] ، وقوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب: ٤٠] .

ومن أجل إبطال التبني أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج زينب بنت جحش التي طلقها زيد بعد أن ساءت العلاقة بينهما، وكان ذلك عسيرًا كل العسر على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك أشق عليه من ملاقاة الصناديد في ساحات الوغى، حتى قال له المولى سبحانه وتعالى: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} . وهو أشد الناس خشية لله وأتقاهم له، لكن ألسنة الناس حداد، وقد تكلم المنافقون والمشركون في زواجه من زينب رضي الله عنها، ولا يزال أعداء الإسلام يثيرونها إلى اليوم، وهي قصة توضح طاعة النبي صلى الله عليه وسلم لربه وخشيته له، وشدة امتثاله لأمره، ولو كان في ذلك التعرض لأذى الناس وكلامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>