ونحن المسلمين اليوم، في عصر العولمة أشد ما نكون حاجة إلى الاجتهاد الجماعي، والعمل المؤسسي، وتحقيق خلود الشريعة، وذلك بالاجتهاد وتحقيق قدرتها على الاستجابة لتطور الزمان، ومواكبة المتغيرات والمستجدات، والتطور السريع لإيقاع الأحداث، حيث لم يعد يتسع علم الفرد ولا عمره لمتابعة المشكلات، ناهيك عن الإحاطة بعلمها المطلوب للمجتهد، إضافة إلى أن الاجتهاد الجماعي إضافة إلى ما يحقق من الاقتراب من الحكم اليقيني، فإنه يجنب الأمة التبعثر وعثرات الاجتهاد الفردي المحتملة، ويحسن توظيف الاجتهادات الفردية في المجال الأكثر جدوى للأمة (الاجتهاد الجماعي) .
ومما يتميز به المجمع أيضاً أنه لم يقتصر على إصدار القرارات والتوصيات، فيما توصل إليه من النظر، وإنما عمل على نشر البحوث والدراسات، التي تطرح في دوراته جميعاً، الأمر الذي يساهم في خصوبة الذهن ومرونته، والارتقاء بقدراته، إضافة إلى بناء الملكة الفقهية، ذلك أن البحوث التي تنشر في مجلة المجمع، هي علم وتعليم في آن واحد.
كما لم يقتصر المجمع في عمله، على عقد الدورات، واستكتاب الفقهاء والعلماء، حول بعض القضايا التي يرى ضرورتها، والحاجة إليها، وإنما أصدر خلال مسيرته المباركة عدداً من المنشورات والكتب التراثية، من مثل: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، وبلغة الساغب وبغية الراغب، والمدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد، والإشراف على مسائل الخلاف، وبطاقات الإقراض والسحب المباشر من الرصيد ... إضافة إلى المشاريع العظيمة التي ينوي المجمع الامتداد بها واستكمالها.
ولا شك أن مثل هذا العمل الكبير والمؤسسي يحتاج إلى الدعم المالي والمعلوماتي، ليكون في مستوى إسلامه وعصره، ويضطلع بهذا الفرض الكفائي، فيساهم بحل المشكلات والأزمات الإسلامية والإنسانية.