للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقوق الإنسان في الإسلام]

احتلت وبوضوح الحقوق والحريات في العصر الحديث مكانة عظيمة - وهى جديرة بها، فقد عنيت بها الدول فوضعتها في مكان الصدارة من دساتيرها، والدستور كما هو معلوم من أجل القوانين خطرا وأعظمها مكانة فهو الأب كما يقولون لتلك القوانين والتشريعات، وما تضمنه الدستور من أحكام فواجب اتباعه والأخذ به في كل فروع القانون وإلا قضي بعدم دستوريته وإلغائه، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى أن أخذ المجتمع الدولي نفسه به، فبعد أن كان موضوع حقوق الإنسان يقع حتمي الاختصاص الوطني لكل دولة، صار ينظر إليه على أنه يهم المجتمع الدولي بأسره، وأخذ القانون الدولي العام اليوم يتناول بالتنظيم والحماية حقوق الإنسان عامة سواء في زمن السلم (القانون الدولي لـ حقوق الإنسان) ، أو في زمن الحرب والنزاعات المسلحة (القانون الدولي الإنساني) (١) .

أما العالم الإسلامي الذي كان ينبغي أن تكون له الأسبقية في هذا الميدان لا أن يكون تبعا في أغلب الأحايين للغرب يتلقف منه ذلك المنهج إما طواعية واختيارا أحيانا وإما اضطرارا تحت دعوى حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان أو اللحاق بالنظم الأكثر تقدما، سواء كان هذا أو ذاك فإن كثيرا من دوله قد سايرت الركب الغربي، وشرعت في وضع القوانين المختلفة ونصت في دساتيرها على طائفة من هذه الحقوق وظلت قلة منها تصارع في حق النساء من المشاركة في الحكم ودخول البرلمان وهى تترنح تحت وطأة المطالبة المستمرة داخليا ودوليا، وسوف تستجيب إن عاجلا أو آجلا، لأن مغالبة المنطق والعقل لن تجدي نفعا، وقد شاركت المرأة في العصور الزاهية الأولى في هذه الأمور، فهذا ابن حجر الهيتمي الفقيه والمحدث يذكر أن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - كان يجتمع بالرجال والنساء يستشيرهم فيمن يكون خليفة، حتى اجتمعوا على عثمان، فحينئذ بايعه ولم يخالفه أو يطعن عليه أحد من المهاجرين والأنصار فكان إجماعا. ونص عبارة ابن حجر: " أن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أقام ثلاثة أيام ليلا ونهارا يطوف على المهاجرين والأنصار، ويخلو بكل واحد منهم رجالهم ونسائهم، ويستشيرهم فيمن يكون خليفة، حتى اجتمعوا على عثمان فحينئذ بايعه (٢) .


(١) حقوق الإنسان في القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، للدكتور محمد يوسف علوان - جامعة الكويت.
(٢) الصواعق المحرقة، ص ٣٧٩، ط / و / دار الكتب العلمية - بيروت ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>