٣ - تعدد المفاهيم المتناولة لقضايا الحرية والديمقراطية، بتعدد المرجعيات الفلسفية والأيديولوجية والدينية، مما يجعل قضايا حقوق الإنسان تتأرجح بين نوازع الفردية والاجتماعية، وبين دواعي الخصوصية والكونية. والثابت أن التحول الحضاري الكبير الذي يعيشه العالم اليوم في ظل المد الجديد للعولمة، يتخذ - من ناحية -شكل صراع ظاهر بين وسائل وغايات متناقضة، وقيم ومعطيات متباينة، ومن ناحية أخرى شكل صراع خفي بين ممارسات الهيمنة ومواقف الصمود أمامها والتشبث بمبدأ الاستقلال وحرية القرار الوطني.
٤ - إن مواقف الشطط والتطرف لا تثبت أمام تيار التاريخ الجارف، سواء كانت صادرة عن أنصار العالمية والكونية أو عن أنصار الإقليمية والمحلية. وإنما تتغذى الثقافة الإنسانية من مجموع التراكمات وثراء الخصوصيات، في تفاعل مستمر مع الزمن، فتصنع بذلك مدًّا تضامنيًّا إنسانيًّا عالميًّا لا مجال فيه لغلبة نموذج حضاري معين على آخر، ولاحظ فيه لسيطرة ثقافة على أخرى. إلا أن ميزان التفاضل بين الحضارات يبقى دومًا رهن ما تشع به من قيم عادلة تفيض خيرًا وتعم أمنًا وسلمًا على الإنسانية جمعاء.