للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمهيد ومقدمة

١- الحق ضد الباطل، والحق أيضاً واحد الحقوق - هكذا ورد في مختار الصحاح للشيخ الإمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي - وجاء أيضاً (حاقه) خاصمه، وادعى كل واحد منهما الحق، فإذا غلبه قيل: (حقه) . والتحاق الاختصام (١) ... مما يدل على ما للكلمة من دلالات أو معان لغوية.

٢- أما في مجال الاختصاص فاستعمالاتها شتى:

استعملها رجال الفلسفة دالة على إحدى القيم العليا الثلاث:

الحق، والخير، والجمال.

واستعملها علماء الأخلاق فيما للإنسان على غيره، وهو ما يقابل الواجب، ولهذا قالوا: كل حق يقابله واجب.

واستعملها علماء القانون في معنى آخر، يشمل الحق العيني، والحق الشخصي، حتى إن دراسة القانون بكل فروعه لتسمى دراسية (الحقوق) (٢) .

واستعمل القرآن الكريم كلمة الحق فيما يقابل الباطل والضلال قال تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:٣٢] .

وكأننا مع كل معنى من معان الكلمة المعجمية أمام دلالة للفظة يعصب تجاهلها. فمثلاً فيها الثبوت والصدق، لأنها واجبة ومنطقية.

وفي التنزيل الكريم: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس:٧٠] .

وفي المعجم العربي الأساس الذي أصدرته المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم عن دار (لاروس) : حق الأمر: صح، وحق عليه الأمر: وجبه (يحق على المظلوم أن يجاهد في وجه الظلم) (٣) .

وأحق الله الحق: أظهره وأثبته: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال:٨] .

فهل يوجد حقيقة بعد ذلك الحق؟

٤- أما عند الفقهاء، فالحق هو الحكم الثابت شرعاً - عن بعض المتأخرين. والأستاذ الشيخ علي الخفيف يعرفه بأنه المصلحة المستحقة شرعاً. ويعرفه الأستاذ مصطفى الزرقاء بأنه اختصاص يقرر به الشرع سلطة أو تكليفاً (٤) .


(١) ص ١٤٧.
(٢) فمثلاً يقول الدكتور سامي مدكور: الحق بمعناه العام هو الرخصة أو المكنة التي يقررها القانون لشخص معين بالنسبة لفعل معين، ويقابله الواجب (كتابه: نظرية الحق) ، ص ٣، ويقسم الحقوق إلى حقوق دولية وحقوق سياسية أو دستورية وحقوق عامة (وقد سميت في القرن الثامن عشر بالحقوق الطبيعية أو حقوق الإنسان) وحقوق مدنية.
(٣) المعجم العربي الأساسي.
(٤) من كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته) ، للدكتور وهبة بالزحيلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>