للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطفولة والأبناء

١- وتأتي التوصية الإسلامية على الأبناء، وحرص الدين على رعاية النشء دليلاً على عنايته بحقوق الفئات الضعيفة في المجتمع، ومنهم الصغار.

٢- فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب في ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله عز وجل فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه)) ، فبايعناه على ذلك (١) .

ويشرح الشنواني قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تقتلوا أولادكم)) بأنه كانت الجاهلية تفعل ذلك عند المجاعة، خصوصاً الإناث. وقال محمد بن إسماعيل التيمي وغيره: خص القتل بالأولاد، لأنه قتل وقطيعة رحم، فالعناية به آكد، أو لأنه كان شائعاً فيهم، وهو وأد البنات، أو قتل البنين خشية الإملاق، أو خصهم بالذكر لأنهم بصدد ألا يدفعوا عن أنفسهم (٢) .

٤- وهكذا بدأ الإسلام بإقرار حق الحياة للأبناء، ثم أتبعها بالحقوق الأخرى كحق النفقة، ومن قبل ذلك اختيار الاسم المناسب والأجمل، والرعاية الصحية، واحتساب نفقة للأم المطلقة الحاضنة. إذ يقول تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:٦] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فصدقة)) (٣) . وقوله على أهله: أي عياله من زوجة وولد (٤) .

وقوله يحتسبها: أي يريد بها وجه الله تعالى.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة معها ابنتاها تسألني، فلم أجد شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها، فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فقال: ((من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهنَّ كن له ستراً من النار)) .


(١) حاشية على مختصر ابن أبي جمرة للبخاري، باب كيف كانت مبايعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) محمد بن علي الشافعي الشنواني المتوفي سنة ١٢٣٣ هـ (مختصر ابن أبي جمرة) .
(٣) صحيح البخاري، باب ما جاء أن الأعمال بالنيات.
(٤) وقد ذكره البخاري في باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، عن أبي مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>