للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قائل قال بأن سعر الدينار كان يوم العقد أي يوم ثبوته في ذمة المشتري أو المدين عشرين درهمًا، نقول: لقد قوي عليه الالتباس، وزاد حدا في القياس، إنما المعتبر شرعًا قيمة المسمى في العقد وليس غيره. ولم يقل أحد من الفقهاء - حسب علمي - باعتبار غير المسمى، ولو قلنا بذلك للزمت الجهالة في الثمن وحصل النزاع الذي كان العلماء دائمًا يراعونه في أحكامهم وفتاويهم، بل وفي استنباطاتهم الفقهية، جاعلين نصب أعينهم قاعدة الفقهاء المشهورة: " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح "، وليس من حق المشتري أو المدين أن يكون مخيرًا في أداء ما وجب عليه من أي نوع شاء من العملة، بل الواجب عليه التقيد بنوع العملة الواردة في العقد إن كانت قائمة، أو ما يعادل قيمتها وقت العقد أو وقت ثبوتها في الذمة، وبسعرها وقت الأداء طلوعًا كان سعرها أو نزولاً، إلا إذا رضي من له الحق، وكانت العملة البديلة مستوية في قيمتها المالية مع قيمة العملة المبدل منها وفي انتشارها في التعامل بين الناس، إلا برضى من له الحق.

فإن أراد المشتري أو المدين دفع الدينار الكويتي بدلاً من الدينار اليمني بالسعر السائد بين وقت الأداء وأبى من له الحق، لا يجبر على القبض لاختلاف العملة والجنس، فكيف يجبر على قبضه بالسعر القديم؟ كما أنه ليس للمشتري جبر البائع على أخذ الذهب بدلاً من الفضة أو الدينار بدلاً من الدولار، فلو باع بالدينار وكتب المشتري الثمن بالريالات بدون إذن البائع، فإن من حق البائع أن يطالب المشتري بدفع الثمن بالعملة التي تم عليها التعاقد، فإن لم يستجب المشتري فمن حق البائع أيضًا أن يرفع القضية إلى القضاء، فإذا لم يستطع البائع إقناع القضاء بالأدلة المتوفرة لديه، فليس للقاضي إلا تحليف البائع على صحة دعواه، ويحكم له بدفع الثمن بالدينار الذي عليه التعاقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>