للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقولها بكل صراحة دون محاباة: إننا نحن رجال الفقه مسؤولون اليوم أكثر من كل وقت مضى عن تطوير مؤسسة الوقف في عالم جعل من الوقف الذي هو مبدأ إسلامي بحت، جعل منه أرقى ما توصلت إليه الإنسانية من تفكير حضاري راق جدا، يرقى بالأمة إلى ما تصبو إليه من عزة ومجد ورخاء إذا أحسنا فهمه واستغلاله لصالح الإنسان في أي مكان تحت الشمس، فمؤسسة الوقف اليوم تعد من أرقى ما توصل إليه الفكر الإنساني من نظم اجتماعية، فكيف إذا كان وراءه الإيمان والوازع الديني والخلقي الرفيع؟!

(٢)

والأمر العجيب في المسلمين كيف تركوا الوقف الذي خلفه لهم أجدادهم يضمحل ويتلاشى حتى لم يبق منه إلا القليل، وأمم الغرب يتهافت أفرادهم ومؤسساتهم على إحياء الوقف والتفنن في استثماره وتطويره، حتى غدا الوقف لديهم من أبرز عناصر تقدمهم الحضاري، وأصل ذلك لدينا نحن العرب المسلمين الذين صدرنا هذا (المفهوم الحضاري الرفيع إلى الشعوب والأمم، من حيث توقف الوقف لدينا وتحجر على- ما كان الأمر عليه يوم نشوئه في صدر الإسلام) !.

إننا نحتاج اليوم إلى إعادة صياغة الوقف صياغة جديدة ومتطورة بما يتناسب مع التقدم العلمي السريع، ومع عصر المعلوماتية والحاسوب والاتصالات الحديثة، وهذا عمل الفقهاء والمجامع الفقهية العتيدة، وهو اجتهاد الجماعة، وهو أقصى ما تحتاج إليه أمتنا اليوم.

(٣)

أما بعد:

فهذه الورقة بين أيدي الباحثين من الفقهاء لا أدعي فيها العصمة ولا الكمال، كما لا أدعي- أن كل ما قمت به صواب محض لا يعتوره الخطأ، بل هو محض اجتهاد، وأسأل الله أن أكون فيه مأجورا منه جل وعلا وحده، وأن يتقبله بقبوله، وأن أرجع منه بالأجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة إن شاء الله.

هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>