الاستثمار لغة: مصدر استثمر يستثمر، وهو للطلب بمعنى طلب الاستثمار، وأصله من الثمر، وهو له عدة معان منها ما يحمله الشجر وما ينتجه، ومنها الولد حيث يقال: الولد ثمرة القلب، ومنها أنواع المال.
ويقال: ثمر - بفتح الميم - الشجر ثموراً أي أظهر ثمره، وثمر الشيء أي نضج وكمل، ويقال: ثمر ماله أي كثر، وأثمر الشجر أي بلغ أوان الإثمار، وأثمر الشيء أي أتى نتيجته، وأثمر ماله - بضم اللام - أي كثر، وأثمر القوم: أطعمهم الثمر، ويقال: استثمر المال وثمَّره - بتشديد الميم - أي استخدمه في الإنتاج، وأما الثمرة فهي واحدة الثمر فإذا أضيفت إلى الشجر فيقصد بها حمل الشجر، وإلى الشيء فيراد بها فائدته، وإلى القلب فيراد بها مودته، وجمع الثمرة: ثمر - بفتح الثاء والميم - وثمر - بضمهما - ثمار وأثمار (١) .
وقد وردت كلمة: أثمر، وثمرة وثمرات، أربعاً وعشرين مرة في القرآن الكريم منها قوله تعالى:{انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[الأنعام:٩٩] ، أي انظروا إلى ثمار تلك الأشجار والنباتات ونضجها، للوصول إلى الإيمان الكامل بالله تعالى، حيث يحمل ذلك عجائب قدرته، ومنه قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام:١٤١] ، حيث امتن الله تعالى علينا بالثمار وأمرنا أن نأكل من ثمار هذه الأشجار والنباتات عندما تثمر وتنتج، وأن نعطي حقها (وهو الزكاة) عند حصادها للمستحقين، كما أمرنا بألا نسرف في الباقي، وهذا يدل على أن حق الملكية ليس حقًّا مطلقاً، بل مقيد بضوابط الشرع. وفي هذه الآية وآيات أخرى أسند الله تعالى الإثمار إلى الشجر والنبات نفسيهما مما يدل على أهمية العناية بالسنن والأسباب الظاهرة التي لها تأثير على النمو والثمر والنضج مع أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى، ولذلك أكد هذه الحقيقة في آيات أخرى فقال:{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[البقرة:٢٢] ، وقوله تعالى:{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}[البقرة:١٢٦] .
ويلاحظ أن القرآن الكريم أطلق (في الغالب) الثمر أو الثمرة، أو الثمرات على ما تنتجه الأشجار والنباتات مثل قوله تعالى:{وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ}[البقرة: ١٥٥] ، ولم يطلق على ما تنتجه التجارة من أرباح إلا إذا عممنا المراد بقوله تعالى:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}[القصص: ٥٧] .