وقد أفرد الفقهاء للوقف باباً في كتبهم وأخذوا كثيراً من أحكام الوقف من هذه النصوص، بالإضافة إلى مصادر الاجتهاد الأخرى أشير إلى أهمها فيما يلي:
- وجوب أن تصرف غلته في جهات البر والإحسان والخير التي حددها الوقف.
- وجوب أن يحجز من غلته ما يكون من موجبات إدارته وإصلاحه وعمارته بما يضمن استمرار غلته، ومن ذلك أجرة الناظر أو المتولي إذا لم يكن متبرعاً، ويكون تقديرها للناظر أو للقاضي ووفق ما هو مستقر في العرف.
- يجب أن يكون الواقف جائز التصرف شرعاً، وأن تكون العين الموقوفة مملوكة له ملكاً تاماً، وأن تكون معينة يصح الانتفاع بها مع بقاء أصلها، فلا يجوز وقف ما يكون الانتفاع به بإتلافه، وأن يكون الوقف على جهة خيرية يصح تملكها، فلا يصح الوقف على محرم أو مكروه، كما يجب أن يكون الوقف على معلوم معين فلا يصح على مجهول أو مبهم لتعذر إيصال النفع إليه، وألا يعلق على مجهول، فيجب أن يكون ناجزاً أو معلقاً على معلوم مثل موت صاحبه، فعندها يأخذ أحكام الوصية فلا ينفذ إلا بقدر الثلث ولا يجوز إلا وارث، وألا يكون فيه ظلم أو إثم كأن يوقف على بعض ورثته دون بعض، قال تعالى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٨٢] .
وشرط الواقف كشرط الشارع من حيث الفهم والاستدلال من ناحية، ومن ناحية أخرى من حيث التنفيذ له، إلا إذا كان مخالفاً للشريعة، فلا ينفذ شرط الواقف.
والنظارة على الوقف تكون للواقف أو من يراه حال حياته أو بعد وفاته، وإلا فتكون للحاكم الشرعي بشروط أساسها الأمانة والتقوى والكفاءة.
وقد بين العلماء أن القاضي له سلطة المتابعة والمراقبة لسلوك النظار، وله حق تغييرهم إذا لم يكونوا أهلاً لذلك، وله إجازة كثير من تصرفاتهم في الاستبدال والإجارة الطويلة.
وقد عالج القانون المدني الأردني المستمد من أحكام الفقه الإسلامي الكثير من أحكام الوقف مما سنشير إليه في المطلب الثاني من هذا البحث، وهو أمر يؤكد المجالات للتطوير في ميادين الإدارة وصيغ الاستثمار والتنمية، حيث إن هذا الأمر متروك للجهات المسؤولة في المجتمع عن هذه القطاعات، والتي يجب عليها أن تبذل كل جهد ممكن لرعايتها وإتقان إداراتها وتحقيق أفضل النتائج لها في إطار رسالة الوقف وأهدافه العظيمة.