للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث

تنمية واستثمار أموال الأوقاف

١- المضمون الاقتصادي والتنموي للوقف:

إذا أردنا أن نعيد صياغة تعريف الوقف للتعبير عن المضمون الاقتصادي، نقول: "الوقف هو تحويل للأموال عن الاستهلاك، واستثمارها في أصول رأسمالية إنتاجية، تنتج المنافع والإيرادات التي تستهلك في المستقبل، جماعيا أو فرديًّا"، فالوقف عملية تجمع بين الادخار والاستثمار معاً. فهي تتألف من اقتطاع أموال (كان يمكن للواقف أن يستهلكها إما مباشرة أو بعد تحويلها إلى سلع استهلاكية) عن الاستهلاك الآني، وفي الوقت نفسه تحويلها إلى استثمار يهدف إلى زيادة الثروة الإنتاجية في المجتمع، وهذه الثروة الإنتاجية الموقوفة تنتج خدمات ومنافع، مثالها منفعة مكان الصلاة في المسجد، ومنفعة مكان سرير المريض في المستشفى، أو مكان مقعد التلميذ في المدرسة، كما أن هذه الثروة الموقوفة يمكن أن تنتج أي سلع أو خدمات أخرى تباع للمستهلكين وتوزع عائداتها الصافية على أغراض الوقف.

فإنشاء وقف إسلامي أشبه ما يكون بإنشاء مؤسسة اقتصادية ذات وجود دائم، فهو يتضمن الاستثمار للمستقبل والبناء للثروة الإنتاجية. كل ذلك يجعل وقف كل من الأسهم والحصص أو الوحدات في الصناديق الاستثمارية، والودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية، من أهم الأشكال الحديثة التي تعبر عن حقيقة المضمون الاقتصادي للوقف الإسلامي، كما مارسه الصحابة الكرام منذ أن وقف عثمان بئر رومة، ووقف عمر أرض بستان في خيبر رضي الله عنهما.

وإذا نظرنا إلى طبيعة ثمرات الثروة الموقوفة أو إنتاجها، فإنه يمكن تقسيم الأموال الوقفية إلى نوعين هما:

١- أموال تنتج خدمات استهلاكية مباشرة للغرض الموقوفة عليه، مثال ذلك: المدرسة والمستشفى ودار الأيتام، والمسكن المتروك لانتفاع الذرية، وهذا النوع من الوقف يمكن أن يكون غرضه وجهًا من وجوه الخير العامة كالمدرسة للتعليم، أو وجهًا من وجوه البر الخاصة كمسكن الذرية.

٢- أما النوع الثاني من أموال الوقف فهو ما قصد استثماره في إنتاج سلع وخدمات مباحة شرعًا، تباع في السوق لتنفق عوائدها الصافية أو أرباحها على أغراض البر التي حددها الواقف، سواء أكانت خيرية عامة أم أهلية خاصة (ذرية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>