ونعتقد أن هذا التفسير سائغ لدى النقاد، فلا نحتاج إلى ذكر النقاد، وتتبع مادة نقد كما فعل القس الكرملي الذي جعله من النقاد لجنس من الغنم وهو بعيد، بل أصله وصف أخذ محل الموصوف بسبب كثرة الاستعمال، فأصبح يوصف كما قال مرتضى في التاج: ونقود جياد. وكذلك الزمخشري في أساس البلاغة فوصف النقود بأنها جياد، يعنى أنها أصبحت اسما يوصف بدلاً من أن تكون وصفًا يصف.
التعريف الاصطلاحى:
كلمة (النقود) قد مرت بمراحل وتطورات فقهية جعلت من الصعب تعريفها تعريفًا ثابتًا لا علاقة له بالزمن، ولا يعرف المخاطبين. إذن فالتعريف يمكن أن يكون عرفيا، ومن المعلوم أن الحقيقة العرفية لا يُلجأ إليها إلا بعد عزل الحقيقة اللغوية؛ لعدم أدائها للمعنى المطلوب وانعدام الحقيقة الشرعية، فهذه الكلمة بعد أن رأينا أنها كانت يعنى بها الدرهم الجيد الكامل - لغةً - نجدها تطلق على النقود: الذهب والفضية، ونجدها بعد ذلك تختص بالمضروب منها دنانير ودراهم.
قوله:" نقد " يوهم قصر الربا على المسكوك؛ لأن النقد خاص به، فتكون مرادفة للعين. قال الخطابي: التبر قطع الذهب والفضة قبل أن تضرب وتطبع، والعين المضروب دنانير ودراهم. القرطبي.
وانتشر التعبير بالنقد في كل ما استعمل ثمنًا للأشياء وغيرها مما يكون واسطة للتبادل، ويشعر إمام الحرمين بالحرج لذلك فيقول:"قال قائلون ممن يصحح العلة القاصرة: فائدة تعليل تحريم التفاضل في النقدين تحريم التفاضل في الفلوس إذا جرت نقود" إلى آخر كلامه الذي قد نتعرض له في مناقشة الربوية (١) .