إن هذه المسألة مطروحة منذ ظهرت الفلوس، وأفتى فيها الأئمة، ولم يخل مذهب من خلاف في داخله حول هذه القضية، حتى وصلت إلى عصرنا هذا.
ولا يزال النقاش مفتوحًا لصعوبة إقناع أيٍّ من الفريقين الآخرَ في غيبة نص صريح أو أثر للخلاف رافع، أو إجماع قاطع، أو قياس جلي ناصع.
ويمكن أن نقسم اختلاف الفقهاء إلى موقفين: موقف يعتمد النص الحرفي أو دلالته القريبة، ويتمثل في مذهب أهل الظاهر، وهو رأي كثير من علماء المذاهب الأخرى. وموقف يبتعد عن النص إلى حد ما عن طريق التعليل واستكناه مغزى النصوص ومراميها، ويجد سندا في بعض المذاهب الأخرى.
ولكثرة ما كتب في الموضوع فسأتحدث بإيجاز عن كلا الموقفين، ثم أذكر مختاري في المسألة.
الموقف الأول: يتمثل في انتفاء الربوية، وقد يختلف معتنقوه في التعبير عنه بسبب اختلاف مشاربهم ومذاهبهم بين مانع القياس مكتفيا بالنص كأساس في سائر الأصناف، وبين من لا يتخذ هذا الموقف المبدئي فهو يجيز القياس، إلا أنه ينفي وجود علة في هذا المكان بالذات، أو يعترف بوجود علة فيه، غير أنه يدعي فيها القصور.
واقتصارا للبحث فإننا نجعل تحت هذا الموقف من يعتبرها كالفلوس وهو ينفي الربوية عن الفلوس، ومن يجعلها كالعروض لأنه يثبت للفلوس نوعًا من الربوية لا يخضع لعلة الثمنية.
أما الظاهرية فإن موقفهم ينسجم مع مذهبهم الذي يرفض القياس ويرى من النصوص كفاية للقضايا المتجددة، وقد دافع ابن حزم عن موقفهم، ورد عليه ابن القيم وغيره بضراوة لا تقل قوة. فموقف الظاهرية معروف له ما له وعليه ما عليه. وقد نحى منحى الظاهرية في هذه المسألة جملة من العلماء، فمن السلف طاوس وقتادة وعثمان البتي وأبو سليمان.