للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين المؤجل:

يذكر ابن قدامة في المقنع الدين المؤجل مع الدين على غير المليء والدين المجحود.

ويعطيه حكمهما، ويقول في المغني: (وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين الحال والمؤجل لأن البراءة تصح من المؤجل، ولولا أنه مملوك لم تصح البراءة منه لكن يكون في حكم الدين على المعسر، لأنه يمكن قبضه في الحال) (١) .

تعقيب أبي عبيد القاسم بن سلام:

أورد أبو عبيد آراء عدد من فقهاء الصحابة والتابعين ذكرتها كلها في هذا البحث ثم عقب عليهما بقوله:

(وأما الذي أختاره من هذا فالأخذ بالأحاديث العالية التي ذكرناها عن عمر وعثمان، وجابر، وابن عمر، ثم قول التابعين بعد ذلك: الحسن، وإبراهيم، وجابر بن زيد، ومجاهد، وميمون بن مهران أنه يزكيه في كل عام مع ماله الحاضر إذا كان الدين على الأملياء المأمونين، لأن هذا حينئذ بمنزلة ما بيده وفي بيته) . وإنما اختاروا- أو من اختار منهم- تزكية الدين مع عين المال، لأن من ترك ذلك حتى يصير إلى القبض لم يكد يقف من زكاة دينه على حد، ولم يقم بأدائها، وذلك أن الدين ربما اقتضاه ربه متقطعا كالدراهم الخمسة والعشرة، وأكثر من ذلك وأقل، فهو يحتاج في كل درهم يقبضه فما فوق ذلك إلى معرفة ما غاب عنه من السنين والشهور والأيام ثم يخرج من زكاته بحساب ما يصيبه، وفي أقل من هذا ما تكون الملالة والتفريط، فلهذا أخذوا له بالاحتياط فقالوا: (يزكيه مع جملة ماله في رأس الحول) .

وهو عندي وجه الأمر، فإن أطاق ذلك الوجه الآخر مطيق حتى لا يشذ عليه منه شيء فهو واسع له، إن شاء الله، وهذا كله في الدين المرجو الذي يكون على الثقات.


(١) المغني: ٣ /٤٦- ٤٧؛ والمقنع: ١ /٢٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>