للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في المشاركة المتناقصة فيظل كل شريك متمتعا بحقوقه، ملتزما بجميع التزاماته، لكن أحدهما وهو المصرف في الغالب لا يقصد منذ بدء التعاقد البقاء في الشركة إلى وقت انتهائها، وإنما يمنح الحق للشريك الآخر في الحلول محله في ملكية المشروع، في حين أن المصرف في الشركة الدائمة يقصد البقاء في الشركة حتى نهايتها.

وكل من هذين النوعين من المشاركة جائز مشروع في الإسلام، لأنه لا يتصادم مع شيء من أصول الشريعة ونصوصها، وإنما يكون الاتفاق فيهما إعمالا لمبدأ التراضي وحرية التعاقد أو حرية الإرادة، حيث لا يكون في هذا الاتفاق مصادمة مع مقتضى العقد أو نصوص الشريعة أو غاياتها. ومن المعلوم أنه يصح كل شرط في العقد بإجماع الفقهاء ما لم يكن منافيا لمقتضى العقد بحيث يلغيه، وما لم يرد بشأنه نص خاص يمنعه أو يصادم قاعدة عامة قطعية في موضوعه. وأضاف متأخرو الحنابلة أن الشرط الصحيح هو ما لا ينافي مقتضى العقد، سواء أكان يقتضيه أو لا يقتضيه، بأن كان زائدا عليه، وسواء كان مما يلائمه أم لا، ولو كان فيه مصلحة أو منفعة مطلوبة لأحد المتعاقدين، وسواء جرى به العرف أم لا. وفي الجملة: إن الشرط الصحيح عندهم هو ما لم يكن منافيا لمقتضى العقد ولا منافيا للشرع (١) .

والشريك حر التصرف في ملكه، لأن الشركة عقد غير لازم، فله في أي وقت الخروج من الشركة، وله تمليك شريكه حصته دفعة واحدة أو على دفعات.

والوعد الصادر من الشريك بتمليك شريكه حصته في المستقبل لا يمس جوهر التعاقد، بل إن فيه مصلحة للطرفين، ولا يخل بنظام الشركة ومسيرتها، ولا يعكر وجودها إذا قام الشريك الآخر بشراء حصة شريكه كلها أو بعضها في عقود متلاحقة أو متتابعة، فهذا من طبيعة الشركة، فهي إما دائمة، أو مؤقتة، سواء وجد وعد أو لم يوجد.


(١) (الفقه الإسلامي وأدلته للباحث: ٤/ ٢٠٠؛ الفقه المقارن أ. د. فتحي الدريني، ص ٦٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>