يأتي أحدهم لتحويل عملة - وهذا كان شائعًا لدرجة غير عادية في الكويت نتيجة فتوى معينة - يقول: أنا أريد أن أحول دنانير إلى جنيهات مصرية، فيسألونه: أتريد الآن؟ الدينار مثلاً بثلاثة جنيهات، أو بعد شهر: بزيادة عشرين قرشًا، أو بعد عام: أربعة جنيهات، وهكذا ... يزيد الثمن كلما زاد الأجل، معنى هذا أيها الإخوة أنها حيلة للوصول إلى الربا. يعني: هو أخذ بثلاثة جنيهات، مائة دينار بثلاثمائة جنيه، ثم قال له: بعد شهر مثلاً كم تبلغ فائدتها؟ ويرفع الفائدة، بعد عام، الفائدة كم؟ فيرفع الفائدة ...
لا يقول له: فائدة، وإنما ما دام مؤجلاً فهو بسعر كذا، فجاءت فتوى بأن هذا حلال. فقلنا: إذا كان هذا حلالا، فما الربا إذن؟ أي حالة ربوية يمكن أن نحولها إلى بيع بهذه الطريقة، والفتوى قاست هذه المعاملة على السلم.
ولكن معنى السلم: سعلة ونقود، النقود أولا والسلعة مؤجلة، وإنما هذه المعاملة: نقود بنقود، والنقود لا يكون فيها سلم، وإنما فيها قبض في المجلس، ولذلك السلم فيما يقوم به السعر ربا، والشبهة آتية من أن النقود مثل السلعة في نظر الذي أفتى بالحل، نقول له حينئذ: لا، السلعة نريدها ذاتها، نستعملها، نستفيد منها، أما الورقة هذه فلا قيمة لها إلا أنها مقياس لقيمة، ووسيلة للتبادل، أما في ذاتها فقد نجد ورقة مثل هذه نافعة أكثر منها (وأشار المحاضر إلى منديل من الورق) .
إذن، هذه الفتوى كان لها أضرار خطيرة للغاية. والحمد لله تعالى أن الفتاوى الجماعية ظهرت، فأوقفتها عند حدها، وأبطلت ما جاءت به، وإلا لكانت كارثة. لذلك عندما رد على هذا رد ببيان الفتاوى الجماعية، وبالطبع مشكلات العصر لا تحل باجتهاد فردي، وإنما تحل باجتهاد جماعي.
هذا والحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.