للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضية الأخرى: التعدي والتقصير: كثيرًا ما نردد هذا المصطلح، ولكن ليس هنالك ثمة ضبط للمراد بهذا المصطلح، ما هو التعدي في المفهوم الاقتصادي المعاصر؟

وما المراد بالتقصير في المفهوم الاقتصاد المعاصر؟ ما لم يتم تحرير معانٍ لهذين المصطلحين ربما يظل هنالك خلاف بين أرباب الأموال وبين المضاربة في قضية التعدي وعدمه.

هل –مثلًا- سوء التنظيم أو التخطيط أو عدم مراعاة أو معرفة المضارب بأبجديات البحث أو الاستثمار المعاصر هل يعتبر ذلك أمرًا داخلًا في مفهوم التعدي أو التقصير؟ لو أن شخصًا أخذ مالًا وضارب فيه في بعض المضاربات التي تعرف أنها لا يمكن للشخص أن يلجأ إليها إلا إذا كان عنده خبرة كافية تمكنه من معرفة بعض المؤهلات والمواهب التي يمكن لها أن تنتج عن هذه الممارسة.

إذًا ثمة حاجة ملحة على عاتق فقهاءنا الكرام أن يعيدوا النظر في تحديد المراد بمسألة التعدي والتقصير، ومن ثم يتم التجاوز في الخلاف حول الضمان وعدمه.

القضية الأخرى: وجود قانون للمصارف والبنوك الإسلامية: عندما كنت أكتب هذا البحث ذهبت إلى أحد المصارف الإسلامية الذي كان بجواري في دولة ماليزيا، فوجدت عندهم قانونًا خاصًا ينظم الأعمال التي تخص المصرف الإسلامي في جميع تصرفاته وفي جميع المعاملات التي يقوم بها هذا المصرف. فثمة قانون وهذا القانون معمول به ويحتكم إليه في المحاكم عندما يقع شيء من النزاع بين الفقهاء في هذه القضية.

في حقيقة الأمر في مسألة تكييف العلاقة: هل المضاربة هنا تعتبر شركة عنان أو شركة عقد أو غير ذلك؟ هنالك علاقة ثنائية. الذي حصل أن كثيرًا من الناس ينظرون إلى عمل البنك بوصفه وسيطًا أو منظمًا أو مشرفًا على الأعمال التي يقوم بها، أولئك المستثمرون الفعليون يخرجون من دائرة العامل أو المضارب. والحال أن التنظيم والإشراف يعتبر جزءًا أساسيًا في دائرة العمل، وبالتالي إذا كان للبنك نصيب في هذه المعاملة يكون نصيبه بوصفه عاملًا لا بوصفه وسيطًا ولا بوصفه طرفًا ثالثًا، لكنه طرف ثان هو الذي تعاقد مع أرباب الأموال وهو الذي اتفق معهم على الأرباح وعلى طريقة تقسيمها، ثم تكون هنالك مضاربات أخرى التي انتهينا في هذه الورقة أن المضاربة المشتركة في حقيقتها هي صورة من صور المضاربة المطلقة، وكونها مضاربة مطلقة تعني أن للبنك مرونة وفسحة في التصرف في هذه الأموال. إن مضاربة أو مرابحة أو شركة أو غير ذلك من التصرفات التي يراها أنها ستكون في صالح المال الذي أودع لديه الاستثمار. هذا ما وددت أن أبدي فيه من وجهة نظر، وأكرر شكري لهذا الجمع الكبير من العلماء.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>