الواقع أن الفكرة الكامنة في التأمين ليست إلا التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع يجري تقنينه وترتيبه بطريقة منظمة بتصميم نظام له يولد الربح لمن يقوم بهذا التنظيم. وخلاصته أن يقوم مجموعة من الناس يتعرضون لمخاطر متشابهة بضم تلك المخاطر إلى بعضها البعض (عن طريق شركة متخصصة) والاشتراك في رصد ما يكفي من المال لتعويض من يقع عليه المكروه خلال فترة معينة، ولما كان من طبيعة الأمور أن يقع المكروه على البعض فقط فصار دفع كل فرد مبلغًا صغيرًا كافيًا لتعويض البعض منهم الذي يتعرض لذلك المكروه.
فالإنسان يتعرض في حياته –وأثناء ممارسته لعمله ونشاطه- للعديد من المصائب التي يترتب عليها خسارة مادية أو معنوية، وقد تزايدت أهمية التأمين بقدر ما تطورت الحياة وتحسنت سبل المعاش وزادت رفاهية الإنسان، إذ يترتب على ذلك زيادة في المخاطر التي يتعرض لها الإنسان، والخطر ليس هو الخسارة بل هو احتمال وقوع المكروه الذي يسبب الخسارة، أي أن يكون الإنسان بين أمرين ليس يدري أيهما يقع، أحدهما المكروه الذي يحذر، والآخر هو السلامة منه. ولما كان ما يخشاه الإنسان هو هذه الخسارة، وجدنا المخاطر تتعاظم مع زيادة الثراء وكثرة الأصول المملوكة للإنسان وارتفاع مستوى المعيشة، لأنه بقدر ما تكثر هذه الممتلكات بقدر ما تعظم الخسائر التي تترتب على وقوع المكروه وتزداد حاجته للتأمين.
ولهذه الخسائر أسباب هي المكاره الذي يحاذر الإنسان منها كالحريق في المنازل، واصطدام السيارات، والمرض الذي يصيب الإنسان ويسبب له الألم أو يفقده القدرة على الكسب، والفيضانات والزلازل التي تسبب خسارة الأموال وهلاك الحرث والنسل. . . إلخ.
والخسارة في لغة التأمين (أي التي وقعت استحق المستأمن التعويض) لها معنى محدد وهو: (انحطاط قيمة أصل من الأصول بسبب غير متعمد) مثل تلك التي تسببها الحوادث والكوارث في الممتلكات، أو يسببها الموت أو المرض والعوارض الأخرى في جسم الإنسان، ولا يدخل في معناها الخسارة في التجارة على سبيل المثال.