ثانيًا: النظرة المادية البحتة التي تبنى عليها البحوث والتجارب وعدم اعتبار مؤثر سوى الطبيعة التي يشاهدونها.
ثالثا: اسمح لنفسي بأن أقول إن هذا قصور في النظر وعدم إحاطة في حقائق الأشياء وظواهرها وإلا فهل يمكن أن يكون هذا النظام الكوني وليد الصدفة أو من أثر الطبيعة، ولا يكون وراء هذا الكون العظيم والنظام البديع خالق مدبر أحاط بكل شيء علمًا ووسع كل شيء حكمة، ولذا فإن العلماء المنصفين والذين لم يسيطر على عقولهم الغرور صرحوا بأن العلم يدعو للإيمان وأنه كلما ازداد علم الإنسان بالكون وطبائعه كلما ازداد إيمانه ورسخ يقينه.
واستشهد منهم بقول الأستاذ (يوسف مروه) وهو من علماء الكيمياء والفيزياء المتخصصين.
قال: وإنني كعالم فيزياء استطاع أن يجمع إلى جانب ثقافته العلمية ثقافة دينية لا بأس بها أستطيع القول بعد غربة أكثر من عشر سنين قضيتها في معاهد الغرب ومؤسساته أنني عدت إلى وطني – بيروت - وأنا من أشد المؤمنين بالله وملائكته وأنبيائه وأحداث القصص القرآني.
وإيماني ليس عاطفة هوجاء بل يرتكز على معطيات العلم الحديث في أدق مباحثه من ذرة وفضاء ونسبية، وأرى في الآيات القرآنية ما يؤثر ويدعم مواضيع العلم الحديث، وإني كلما فهمت قانونًا من هذه القوانين كلما ازددت إيمانًا بقدرة الله وعظمته وحمدته ووقرته فالإنسان لم يصنع قوانين الطبيعة بأنواعها، إن العلماء لم يفعلوا أكثر من كشف الغطاء عن هذه الأنظمة الإلهية ومحاولة فهمها وتفسيرها واستعمالها، وهذه القوانين قائمة سواء كان الإنسان موجودًا أو معدومًا فهي قد وجدت منذ خلق الكون) اهـ.
ونعود إلى النطفة التي تركنا البحث وهي (نطفة الأمشاج التي تكونت من ماء الرجل وهو –الحوين- الذي قدر له من بين ملايين الحيوانات السابحة في الماء المهين فينفذ بقدرة الله تعالى إلى (بويضة) المرأة التي تترقبه لينفذ فيها فيلقحها وبعد التلاقي والتلقيح تنتقل إلى ما وصفه الله تعالى بأدق وصف وأحكمه فقال تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} فالقرار المكين هو رحم المرأة ذلك الوعاء المحروس من جميع جوانبه بوضعه في الحوض الحقيقي لهيكل المرأة الذي يحمي الرحم من أي عدوان خارجي بما جعل في الحوض من عظام مشدود بعضها إلى بعض ومحكمة إحكامًا دقيقًا، ثم إن الرحم موثق بأربطة مختلفة تمسكه من التموج والاضطراب فيبقى الجنين في هذا القرار المكين إلى قدر معلوم ينمو بنموه وعاؤه، حتى يأتي القدر الذي قدره الله تعالى لخروج هذا الجنين ليخرج إلى أول دور من أدوار الحياة وهي الطفولة، وهذا هوالتلاقح الطبيعي بين الرجل والمرأة في النظام الرباني في –خلق الإنسان- وهو النظام السائد الذي جعله الله طريقًا طبيعيًا في التناسل.