٥- تلقيح بين بزرتي رجل وامرأة متبرعين، أي ليست إحدى البزرتين من أحد زوجين ويلجأ إلى هذه الحالة عندما تريد امرأة أن تحمل لكن زوجها عقيم ومبيضها معطل فتلجأ إلى طبيب يأخذ لهما الحوين المنوي من مصرف للمني، ويأخذ البويضة من امرأة أخرى، ويجري التلقيح بين البزرتين مخبريًا، ثم (يشتل) اللقيحة في رحم المرأة الراغبة في الحمل بالطريقة السالفة الشرح في واقعة طفل الأنبوب لتحملها جنينًا طبيعيًا، ثم تلده ولادة عادية.
٦- حالة امرأة تتطوع بحمل لقيحة تكونت في وعاء الاختبار بمن بزرتي زوجين،.
وسنوضح هذه الصورة في موقعها المناسب عند بيان موقف الشريعة من مختلف الحالات.
٧- أما الحالة السابعة فإنها لم تقع بعد، ولكنها ممكنة الوقوع في نطاق المنجزات العلمية التي تمت، وأشار إليها الباحثون بين الاحتمالات الممكنة التي تتطلب حلًا حقوقيًا في ظل القانون المدني، وقانون الأحوال شخصية هي:
تلقيح الزوجة داخليًا، أو تلقيح بويضتها خارجيًا، بماء زوجها المتوفى الذي حفظ ماؤه قبل وفاته في مصرف المني في حسابه الخاص.
مقابلة هذا الاكتشاف من علماء المسلمين:
قال الشيخ محمود شلتوت ما خلاصته:
من المعلوم أن تخلق الولد إنما هو من السائل المنوي الذي يخرج فيصل إلى رحم المرأة المستعد للتفاعل {خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} يتخلق الولد من هذا السائل متى وصل إلى الرحم المستعد للتفاعل وإن لم يكن وصوله عن طريق الاتصال الجسماني المعروف وهذا قد عرفه الناس جميعًا، وعرفه فقهاؤنا وجاء في كلامهم: (أن الحمل قد يكون بإدخال الماء للمحل دون اتصال عرفوه ورتبوا عليه وجوب العدة، وهو يتضمن تقرير المبدأ المعروف في تكوين الطفل من الماء الحيوي دون حاجة إلى العملية الجنسية وما الاتصال الجسماني إلا وسيلة معتادة لا يتوقف عليها تكون الولد الذى هو من الماء المستكمل مؤهلاته الطبيعية.
والتلقيح الصناعي البشري اتخذ سبيلًا لتحقيق رغبة الولد بالنسبة للزوجين اللذين ليس لهما ولد وذلك كحد يقف عندهما الإحساس بالعقم أو يزول وبذلك يشعران في هذه الحياة بزينة الأبوة والأمومة للأولاد، وإن كان لا يخرج عن حد التعلل النفسي بصورة الأبوة والبنوة ثم اتخذ سبيلًا لتكثير سواد الأمة وعدد أفرادها لمجرد الرغبة في التوسع البشري أو تحصيلًا ليعوض عمن تهلكهم الحروب.
وبهاتين الرغبتين اللتين بعثتهما (الفلسفة المادية) كان التلقيح الصناعي في الإنسان أمرًا مشروعًا عند أرباب تلك الفلسفة الجافة وبها ساوى التلقيح الصناعي في الحيوان والنبات وليس من ريب في أنهم إذا رجعوا إلى أنفسهم أدركوا أن للإنسان حياة هي أرقى من حياة الفرد نفسه وهي حياة تخضع لتلك المجتمعات التي تخضع لقوانين بشرية وشرائع سماوية تلبي داعي الفطرة الإنسانية في ذلك ويرتبط بها الإنسان في تصرفاته وسلوكه وانتظامه في مجتمعاته.
ولعل الزواج وإعلانه كان أنعم الشؤون التي تخضع المجتمعات لحكمها وترتب عليه آثار معينة فيما يتعلق بحياة الأسرة ونسب الأبناء.
ومن هنا نستطيع أن نقرر بالنسبة لحكم الشريعة في التلقيح الصناعي الإنساني –أنه إذ كان بماء الرجل لزوجه كان تصرفًا واقعًا في دائرة القانون والشرائع التي تخضع لحكمها المجتمعات الإنسانية الفاضلة وكان عملًا مشروعًا لا إثم فيه ولا حرج وهو بعد هذا قد يكون في تلك الحالة سبيلًا للحصول على ولد شرعي يذكر به الوالدان وبه تمتد حياتهما وتكتمل سعادتهما النفسية والاجتماعية ويطمئنان على دوام العشرة وبقاء المودة بينهما.
أما إذا كان التلقيح بماء رجل أجنبي عن المرأة لا يربط بينهما عقد زواج فإنه يزج بالإنسان في دائرتي الحيوان والنبات ويخرجه عن المستوى الإنساني.
ولعل هذه الحالة هي أكثر ما يراد من التلقيح الصناعي عندما يتحدث الناس عنه.