يجب أن يلاحظ قبل البدء ببيان الحكم الشرعي في كل حالة على حدة ملاحظتان مهمتان:
الملاحظة الأولى: حول صلة هذا الإنجاز العلمي الخطير بالإيمان والإلحاد.
ففي أواخر الستينات الماضية، لما نشرت الأنباء الأولى نجاح الطبيبين الإنكليزيين في تلقيح بويضة امرأة بحوين منوي من رجل في وعاء اختبار في المختبرة وإن هذه البويضة الملقحة (اللقيحة) أخذت في التكاثر والنمو الجنيني بطريق الانقسام المعتاد في تكاثر الخلايا الحية، وغمرت الملاحدة في كل مكان نشوة ظفر، وظنوا أن هذا هو النصر المؤزر للإلحاد على الإيمان بالبرهان المشهود والتجربة العملية وقد كنت أنا إذ ذاك في الكويت خبيرًا قائمًا على مشروع الموسوعة الفقهية في وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ولم يكن إذ ذاك موضوع التلقيح المخبري هذا قد بلغ مرحلة زرع اللقيحة في رحم امرأة، ولكن كان التنبؤ ببلوغ هذه المرحلة الأخيرة قد شاع في الأوساط العلمية بعد نجاح التلقيح في وعاء الاختبار.
فقال لي أحد الملاحدة متبجحًا: أرأيت لقد أصبح الآن من الممكن عمليًا إنشاء الحياة من مواد غير حية بصنع الإنسان.
فقلت له: إن ما حصل ليس فيه إنجاز عجيب تقوم به حجة الإلحاد والمادية على نفي وجود الله الخالق تعالى الذي خلق الموت والحياة، فهو يشبه إلى أبعد الحدود قضية بيضة الدجاجة التي كانت تحتضنها تحت جناحيها فتفرخ، فأصبح الإنسان يهيء لها وسطًا آخر ملائمًا للتفريخ، والفارق الرئيسي بين الحالتين هو أن بيضة الدجاجة قد لقحها الديك بالصورة الطبيعية للتلقيح في جوف الدجاجة قبل أن تبيضها، أما في هذا الإنجاز العلمي الجديد فإن تلقيح بويضة المرأة بحوين الرجل يتم خارج جسم المرأة في وسط صناعي ملائم يقع فيه التلقيح، ويبدأ فيه النمو، وفرق عظيم بين بدء نمو الخلق وبدء الحياة، فبدء الحياة سيبقى من صنع واهب الحياة، عز وجل، رغم أنف المادية والماديين.
الملاحظة الثانية:
يجب أن يلاحظ سلفًا أن حالات التلقيح الاصطناعي السبع الداخلية والخارجية، جميعها يستلزم تطبيقها انكشاف عورة المرأة على شخص أجنبي، سواء كان هذا الشخص رجلًا أو امرأة (طبيبًا أو طبيبة) .