وليس لنا نحن ـ معشر المسلمين ـ من خيار، أمام التحديات التي يواجهنا بها أعداؤنا داخل الوطن الإسلامي وخارجه، وأمام طغيان المادة وتحديات العصر، إلا أن نوحد ونجمع طاقاتنا للثبات أمام كل خطر يهدد قيمنا الروحية، وأمام كل من يحاول أن يطمس معالم هويتنا وشخصيتنا الإسلامية، ذلك أن هذه الأمة لا تصلح إلا بما صلح به أولها، ولا منقذ لها إلا في أن تحتكم في قضاياها كلها إلى الأصول العامة والقواعد الشاملة التي انطوت عليها الشريعة الإسلامية.
وكما لبت هذه الشريعة في الماضي حاجات دار الإسلام، في شتى المجالات والأوضاع، على مر القرون، حيث أمدتها بالمبادئ المرنة والقواعد السليمة لحل مشكلات الأفراد والجماعات، تحقيقاً للمصلحة العامة، فإن تلك الشريعة ما تزال، وستبقى قادرة على تلبية حاجات المسلمين في أي زمان ومكان.
ولقد حرص أجدادنا، كما هو معروف، على تدوين قواعد الفقه وعلى جمع ما استنبطوه من أحكام وفتاوى بوسائل شتى، مما وفر للأجيال اللاحقة معيناً لا ينضب وثروة طائلة من المؤلفات والدراسات والأبحاث الفقهية التي عالجت مشكلات الناس في أيامهم، والتي تعد اليوم أساساً مكيناً ورصيداً كبيراً لعمل هذا المجمع، الذي شرع في حمل الأمانة بطريقة نأمل أن يحافظ بها من ناحية، على تراث الآباء والأجداد، ويلبي بها، من ناحية أخرى، حاجات هذه الأمة في هذا الزمان.