كل هذه الأمثلة تؤكد استعمال أعضاء وخلايا الأجنة في علاج الأمراض المستعصية، وإن كان الأمر ذا فائدة طبية إلا أنه يضعنا أمام قضايا فقهية وقضايا أخلاقية.
فالجنين كائن حي ذو حياة نباتية بادئ الأمر إلى أن تنفخ فيه الروح، ونفخ الروح يكون بعد أربعين يوماً حسب رأي بعض الفقهاء أو أو بعد مائة وعشرين يوماً حسب رأي البعض الآخر من الفقهاء، فهل يا ترى يجوز استعمال الجنين في المداواة (غرس الأعضاء) ؟
بعد أن عرفنا أن أعضاء الجنين تستعمل عادة بعد الشهور الثلاثة الأولى (إذ تكون الأعضاء قد تطورت، فمثلاً يجب استئصال الخصية من جنين عمره أكثر من أربعة شهور) أي بعد نفخ الروح (١٢٠ يوماً على أكثر الاحتمالات) ؟ فإذا كان الشرع أجاز استخدام أعضاء الموتى للأمور العلاجية.. فهل الأمر كذلك في بعض حالات استخدام الجنين؟؟ فمثلاً عندما تشتكي الأم من بعض أمراض المشيمة أثناء الحمل (انسلاخ المشيمة) فلا بد عندها من التضحية بحياة الجنين لإنقاذ حياة الأم ... فإن كان عمر الجنين أقل من ٢٥ أسبوعاً فلا حياة له ترتجى إن هو أخرج من الرحم ... فما المانع من استخدام هذا الجنين في مجالات علاجية كغرس الأعضاء؟ ... إلا أن الأمر يجب أن يكون ضمن ضوابط شرعية.. لمنع المشاكل الأخلاقية التي يمكن أن تنشأ عن سوء استخدام الأجنة، فبعض النسوة قد يلجأن إلى الحمل بغية استخدام الجنين لعلاجهن أو علاج أقربائهن ... أو قد يجبرن على ذلك من قبل أزواجهن إضافة إلى تأجير الأرحام التي انتشرت في المجتمعات الغربية ووصل الأمر (١) . (حسب تقرير جريدة " المسلمون " العدد ١٤٢) أو سيصل إلى إنتاج الأجنة في الأرحام المستأجرة.. وإضافة إلى كونها ظاهرة اجتماعية وأخلاقية كبيرة الخطورة فإنها بالوقت نفسه تشكل خطراً لانتشار أمراض خطيرة كمرض الإيدز (كما سيتم شرحه لاحقاً) .
(١) جريدة المسلمون العدد (١٤٢) الجمعة ١ ربيع الأول، ١٤٠٨ هـ (٢٣/ ١٠/ ١٩٨٧) .