للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن حجر العسقلاني في فتح الباري وهو يتحدث عن أول ما يتشكل من أعضاء الجنين: " ولا حاجة له (أي الجنين) حينئذ إلى حس ولا حركة إرادية لأنه حينئذ بمنزلة النبات، وإنما يكون له قوة الحس والإرادة عند تعلق النفس (أي الروح) به " (١) .

وهكذا ميز علماء الإسلام الأجلاء بين الحياة النباتية Vegetative life التي ليس فيها إلا النمو والاغتذاء والحياة الإنسانية Human life التي تتميز بوجود الحس والإرادة أي بتكون الجهاز العصبي.

ورغم أن الحياة النباتية مقدمة للحياة الإنسانية ولها نوع احترام إلا أنها ليست كالحياة الإنسانية ولا تأخذ حكمها ... فهي أقل منها درجة، وهذا ما نبه إليه الفقهاء حتى الإمام الغزالي الذي كان متشددا في موضوع الإجهاض قال ما يلي في الأحياء (٢) : " وليس هذا (رأي العزل) كالإجهاض والوأد، لأن ذلك جناية على موجود حاصل، والوجود له مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة. وتستعد لقبول الحياة. وإفساد ذلك جناية. فإن صارت نطفة فعلقة كانت الجناية أفحش، وأن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشا .... ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الانفصال حيا ".

وهذه نظرة عميقة تدل على سعة فهم ... والشيء الجديد الذي حدث الآن بعد ظهور طفل الأنبوب هو أن أول مراتب الوجود أن تلقح البييضة بماء الرجل في طبق (أنبوب) وليس كما ذكر الإمام الغزالي أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة.


(١) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب القدر ١١/ ٤٨٢ المطبعة السلفية
(٢) الأمام الغزالي: إحياء علوم الدين ج ٢/ ٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>