الرابع:
النقل من ميت إلى حي
اعلم أن المراد بالميت هنا هو من فارقت روحه بدنه بانقطاعها عن بدنه انقطاعاً تاماً من توقف دقات قلبه المنزلة طبيعياً أو صناعياً واستكمال أماراته، فهذه هي الوفاة التي تترتب عليها أحكام مفارقة الإنسان للدنيا من انقطاع أحكام التكليف، وخروج زوجته من عهدته، وماله لوارثه، وتغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه ...
أما نصب " موت الدماغ " أو " جذع الدماغ " تحقيقاً لموته مع نبض قلبه ولو آلياً فهذا في الحقيقة ليس موتاً لكنه نذير وسير إلى الموت، فما زال له حكم الأحياء حتى يتم انفصال الروح عن البدن. ولذا:
لابد لنا من تصور الأحوال حتى يكون بإذن الله تعالى تنزيل الحقيقة الشرعية على الحقيقة الواقعية الطبيعية لكل مسألة بخصوصها، وهنا طرفان: ميت، وحي.
أما الميت المأخوذ منه: فنتصور الحال من حيث الإذن وعدمه إلى ما يلي:
١- ميت أذن قبل وفاته بانتزاع عضو منه لمعين أو غير معين.
٢- ميت لم يعقب وارثاً.
٣- ميت عقب وارثاً ولم يأذن الوارث.
٤- ميت عقب ورثة فأذن البعض.
٥- ميت عقب ورثة فإذن جميعهم.
أما الحي فلا تخلو مصلحته من مراتب المصالح الثلاث:
١- إما أن تكون ضرورية تتوقف حياته إلى ذلك العضو.
٢- وإما أن تكون حاجية لا تتوقف حياته عليها كالحاجة إلى قرنية ونحوها.
٣- وإما أن تكون تحسينية كترقيع شفة ونحوها.
وعليه:
فإذا كانت المصلحة تحسينية فلا ينبغي الخلاف بعدم الجواز، سواء أذن الميت قبل وفاته أو لا؟ لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً، فلا يجوز انتهاك حرمته المحرمة لتوفير مصلحة تحسينية تجميلية، وفي هذا تعريض لجثة الميت للامتهان، وتسويغ العبث بها.
وأما إن كانت مصلحة الحي حاجية، فإن حرمة الميت واجبة كحرمة الحي، وهتكها وقوع في محرم، فلا ينبغي خرق الحرمة والوقوع في الحرام لمصلحة مكملة للانتفاع.
وأما إن كانت ضرورية، والضرورية هنا مفسرة بما تتوقف حياته عليه كالقلب والكلى، والرئتين ونحوها من أصول الانتفاع الضرورية.