وينبثق عن هذه العقيدة قواعد مسلمة، وأسس ثابتة منها على ضوء ما تقرر في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أ - أنه جل شأنه الخالق لكل ما في الكون دون سواه، قال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}[الآية ٥٩ من سورة الفرقان ٢٥] وقال تعالى: {أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[الآية ٦٤ من سورة النمل ٢٧] .
ب - وأنه جل شأنه المالك لكل ما في الكون وحده دون سواه، لا شريك له فيه، وهو المتصرف فيه، بكل أنواع التصرف، إيجاداً وإعداماً، إحياء وإماتة، تغيراً وتبديلا، استقراراً وحركة، تحليلاً وتحريماً، منحا ومنعاً، تخسيراً وحجباً ...
ت - يقول الله تعالى في أول سورة الملك: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} . [الآية ١، ٢ من سورة الملك] .
ويقول جل شأنه:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}[الآية ١١ من سورة الإسراء] .
وإذا كانت عقيدة الإسلام تقرر أن المالك لكل ما في الكون كله ـ عاقلة وغير عاقلة، متحركة وثابتة، سائلة وجامدة ـ هو الله جل شأنه، فقد اقتضت حكمته جل شأنه أن يوجد من بين الكائنات خلقاً يميزه عن غيره من كافة الخلق، ويخصه بنعم لا تحصى ويحمله الأمانة، وينيط به تعمير الكون ويجعله خليفة في الأرض ... ألا وهو الإنسان. فقد كرم الله جل شأنه الإنسان، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ}[الآية ٧٠ من سورة الإسراء] وصانه وحفظ له ـ بما شرعه من أحكام ـ دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله وكل مقومات حياته.
وحمله الأمانة، قال تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الآية ٧٢ من سورة الأحزاب] والأمانة تعم جميع وظائف الدين، وهي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد، يقول ابن عباس رضي الله عنه: الأمانة الفرائض، عرضها الله على السماوات والأرض والجبال. إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيماً لدين الله عز وجل ألا يقوموا به، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها ...