للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً:

إن إقراره عليه الصلاة والسلام بأن لكل داء دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، يفتح باب العلاج على مصراعيه، ويمهد السبيل أمام الباحثين لاستكشاف الأدواء، وما لم يعلم بالأمس ربما يعلم اليوم أو غداً، هذا ومع أن الإسلام جاء لعلاج الأرواح والنفوس من مرض الكفر والفسق والفجور وغيرها، وإنقاذ العباد من شرور الوثنية والإلحاد، وهي أمراض عقدية أخطر من أمراض الأجساد، لا شك أنها تفضي إلى مهالك في الآجل والعاجل، فإنه أيضاً لم يهمل علاج أمراض الأجساد. ونحيل طالب المزيد من المعلومات في هذا الباب إلى كتاب (الطب النبوي) لابن قيم الجوزية، والآثار الواردة في كتب الحديث الشريف في أبواب الطب. ومع أن الأحاديث الشريفة صرحت بمشروعية العلاج لكنها نهت عن التداوي بالحرام؛ حيث ورد النهي بقوله عليه الصلاة والسلام: ((ولا تداووا بحرام))

وهذا ما يصلنا إلى الاستدلال بعمومات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وبعد ذلك القواعد الفقهية والمبادئ العامة التي استنبطها الفقهاء المسلمون من تلك العمومات والإطلاقات لنفرع عليها من الأحكام ما يتصل بموضوعنا:

قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] ، وقال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] والعموم الوارد في الآيتين وإن كان متوجهاً إلى بيان الأحكام الشرعية التكليفية أولاً، لكنها لا تتقاصر دون موضوعنا هذا؛ لأنه يدخل ضمن إطار تلك الأحكام من الإباحة والتحريم باعتبار أن هذا العلاج على هذا الوجه هل هو حلال فيتابع أو حرام فيجتنب.

ويأتي قوله تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وقال تعالى إثر بيان مشروعية الوضوء والغسل والتيمم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: ٦] .

وهكذا نجد توجه الشريعة الإسلامية نحو التيسير على العباد وتحقيق مصالحهم الدينية والدنيوية في ذلك يقول تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>