ما رأي الدين في تشريح الميت، وفي نقل عضو من أعضاء حي أو ميت، إلى إنسان حي، لحفظ حياته أو سلامة أعضائه، ونقل الدم من إنسان حي إلى آخر.
الجواب /
هذه المسائل من الحوادث المستجدة التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعده من سلفنا الصالح، ولذا لم ينقل عنهم لها ولا لأمثالها حكم خاص بها، فليس هناك نص خاص من كتاب أو سنة يجيز نقل أعضاء الميت إلى شخص آخر حي لينتفع بذلك أو يمنع منه، وإنما يؤخذ حكمها من عموميات القواعد والأدلة الشرعية. والذي تراه لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية، أن التشريح ونقل الأعضاء ونقل الدم بالشكل الوارد في السؤال من الأمور الجائزة شرعاً، ويستدل على هذا:
أولا:
إن حفظ الكليات الخمس واجب شرعاً عند العلماء، ومن ذلك حفظ النفس بإنقاذ حياة مسلم أو سلامة عضو من أعضائه بنقله من حي أو ميت.
ثانيا:
ويستدل بروح الشريعة وقواعدها العامة التي تقول:(الضرورات تبيح المحظورات)(والضرورة تقدر بقدرها) ، (وللضرورة أحكام) ، (وإذا ضاق الأمر اتسع) ، (والمشقة توجب التيسير) ، (ولا ينكر ارتكاب أخف الضررين) .
ثالثاً:
ويستدل كذلك بما كتبه الفقهاء المتقدمون والمتأخرون في إجازتهم تشريح الميت للكشف عن جريمة قتل أو لمعرفة أسباب مرض ما؛ ليتمكن الأطباء من معالجة ذلك المرض في الأحياء أو ما إلى ذلك من الصور والأمثلة التي يتحقق فيها الصالح العام أو الخاص للمسلمين، فقد أفتى فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة بإجازة تشريح امرأة ميتة لإخراج مولودها الحي من بطنها أو لإخراج مال ابتلعه الميت ... إلى غير ذلك من المسائل التي ذكروها في كتبهم المعتمدة، فإذا أجاز العلماء التشريح لإخراج مال ابتلعه الميت، وقدر هذا المال بمقدار نصاب قطع يد السارق، وهو ربع دينار أي ثلاثة دراهم، فمن باب أولى أن يجاز التشريح هنا لصيانة نفس أو لإنقاذ حياة أو لسلامة عضو أو كشف لجريمة.