للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الفقهاء الذين غلبوا هذه الناحية الاجتماعية أبو حنيفة وآخرون من الأئمة، فهم يرون أن الزكاة حق مالي قصد به سد خلة الفقراء.

والحقيقة أن الاجتهاد الأصيل في زمننا هذا يقودنا إلى موقف جامع لحكمة هذين الاتجاهين.

فالزكاة كعبادة وقربة ليس لنا الحق أن ننظر إليها كنظرتنا إلى ميادين الأمر العام بالمعروف والنهي عن المنكر، بحيث نكيفها كما نشاء، ولا نخشى وزراً ما دمنا لم نخرج عن إطار الأمر العام، بل يجب أن تكون استنباطاتنا بخصوص كيفية تطبيقها استنباطات موثقة محاطة بكل الضوابط التي تضمن لنا أمان البقاء الدائم في حدود العبادة والنسك. لكن يجب علينا ونحن نتقيد بالناحية التعبدية ألا ننظر إلى قربة الزكاة من حيث الشكل الخارجي كنظرتنا إلى الصلاة أو الصوم أو الحج من حيث الشكل الخارجي في أدائها.

فشكل هذه العبادات لا يتغير مهما اختلفت العصور وتعاقبت الدهور، أما الزكاة فلأنها ترتكز في تطبيقها على متغير بالطبيعة وهو المجتمع فإن فريضة الاجتهاد تبدو لا مناص منها في كل حين ومكان؛ لكي نقوم بهذه العبادة على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. لكن يجب أن يكون الاجتهاد اجتهاداً أصيلاً بعيداً عن الانسياق الأعمى وراء كل جديد؛ حيث الواجب على المسلم أن يطبق الشريعة على المستجدات لا أن يفرض المستجدات على الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>