للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نرى أية فائدة في الاسترسال في ذكر الشواهد المشتقة من تراث الفقه الإسلامي الواسع إزاء تفسير هذه العبارات، فذلك معروف لدى السادة أعضاء المجمع الكرام، ولا يتسع صدر هذه المقالة التي نريدها مركزة بقدر المستطاع.

(ولمن يريد أن يقف على المصادر والمراجع التي يعتمد عليها هؤلاء وأولئك أن يراجع علماء المذاهب كالسرخسي من الحنفية وابن العربي من المالكية والنووي من الشافعية وابن قدامة من الحنابلة وابن حزم من الظاهرية وغيرهم) .

وفي المقابل، كان وما زال هناك فريق من العلماء والمجتهدين يسترسلون في تفسير معاني مصارف الزكاة، وهم على درجات، فمنهم من يقتصد فيه ويتقيد بما أثر عن مذهب معين أو مجتهد معين من السلف، ومنهم من يجاري العصر بدون تحفظ كبير إلى درجة أنه يوسع مفهوم الفقراء والمساكين أو ابن السبيل أو الغارم أو المؤلفة قلوبهم وبصفة خاصة مفهوم {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} مستعيناً بالمدلولات اللغوية والتاريخية ليشمل في النهاية أشياء كثيرة.

وأكبر مثال على ذلك عبارة {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} فحيث رأينا الفريق الأول يحصرها في الغزاة المتطوعين، نرى هنا علماء يعتقدون بصور متفاوتة أنه يشمل كل مجاهدة لنصرة دين الله ومحاربة أعدائه وإعلاء كلمته في الأرض حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله، فهم يرون أن الغزو قد يكون عسكرياً وقد يكون فكرياً أو سياسياً أو تربوياً، وأن الجهاد قد يكون بالقلم واللسان وقد يكون بالسيف والسنان، وقد تكون المرابطة اقتصادية أو اجتماعية أو إعلامية، فإذا كان المسلم في أي خندق من هذه الخنادق فهو في رأيهم غاز ومرابط ومجاهد في سبيل الله يجب أن يعان بقسط من مال الزكاة يقل أو يكثر حسب حصيلة الزكاة من ناحية، وحسب حاجة الجهاد من ناحية ثانية، وحسب حاجة المصارف الأخرى حدة وضعفاً من ناحية ثالثة، شريطة أن يرتبط هذا الجهاد وهذا النوع من الغزو بأهداف إسلامية معلنة صريحة لا يشوهها اعتبارات قومية أو عرقية أو طبقية أو إيدولوجية أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>