٤) المالكية قالوا:"الفقير" هو من يملك من المال أقل من كفاية العام فيعطى منها. ولو ملك نصاباً، وتجب عليه زكاة هذا النصاب. وليس من الفقير من وجبت عليه نفقته على غيره متى كان ذلك الغير غنياً قادراً على دفع نفقته، فلا يجوز أن يعطي الزكاة لوالده الفقير، ولو لم ينفق عليه بالفعل؛ لأنه قادر على أخذ نفقته منه برفع الأمر للحاكم، وأما إذا كان شخص ينفق على فقير تطوعاً بدون أن تجب عليه نفقته فإنه يجوز له أن يصرف الزكاة له، ومتى كانت له حرفة يتحصل منها على ما يكفيه أو له مرتب كذلك، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة، فإن كان المرتب لا يكفيه أعطي من الزكاة بقدر كفايته. "والمسكين" من لا يملك شيئاً أصلاً، فهو أحوج من الفقير، ويشترط في الفقير والمسكين ثلاثة شروط:- الحرية، والإسلام، وأن لا يكون كل منهما من نسل هاشم بن عبد مناف، إذا أعطوا ما يكفيهم من بيت المال، والأصح إعطاؤهم، حتى لا يضر بهم الفقر، وأما بنو المطلب أخي هاشم فليسوا من آل النبي صلى الله عليه وسلم، فتحل لهم الزكاة، وأما صدقة التطوع، فتحل لبني هاشم وغيرهم. "والمؤلفة قلوبهم" هم كفار، يعطون منها ترغيباً في الإسلام، ولو كانوا من بني هاشم، وقيل: هم مسلمون حديثو عهد بالإسلام، فيعطون من الزكاة ليتمكن الإيمان من قلوبهم، وعلى القول الثاني فحكمهم باقٍ لم ينسخ، فيعطون من الزكاة الآن، وأنا على التفسير الأول. ففي بقاء حكمهم وعدمه خلاف، التحقيق أنه إذا دعت حاجة الإسلام إلى استئلاف الكفار أعطوا من الزكاة وإلا فلا. "والعامل على الزكاة" كالساعي والكاتب، والمفرق والذي يجمع أرباب المواشي لتحصيل الزكاة منهم، ويعطى العامل منها ولو غنياً؛ لأنه يستحقها بوصف العمل، لا لفقر، فإن كان فقيراً استحق بالوصفين، ويشترط في أخذه منها أن يكون حراً مسلماً غير هاشمي، ويشترط في صحة توليته عليها أن يكون عدلاً عارفاً بأحكامها، فلا يولى كافر، ولا فاسق، ولا جاهل بأحكامها، وإذا ولى السلطان عاملاً عبداً، أو هاشمياً، نفذت توليته ويعطى الأجرة من بيت المال لا من الزكاة. "وفي الرقاب" الرقبة رقيق مسلم يشترى من الزكاة ويعتق ويكون ولاؤه للمسلمين، فإذا مات ولا وارث له، وله مال فهو في بيت مال المسلمين. "والغارم" هو المدين الذي لا يملك ما يوفي بد دينه من الزكاة، ولو بعد وفاته، وشرطه الحرية والإسلام، وكونه غير هاشمي، وأن يكون تداينه لغير فساد كشرب خمر، وإلا فلا يعطى منها إلا أن يتوب، ويشترط أن يكون الدين لآدمي فإن كان لله: كدين الكفارات، فلا يعطى من الزكاة لسداده، والمجاهد يعطى من الزكاة إن كان حراً مسلماً غير هاشمي، ولو غنياً، ويلحق به الجاسوس، ولو كافراً، فإن كان مسلماً، فشرطه أن يكون حراً غير هاشمي، وإن كافراً فشرطه الحرية فقط. ويصح أن يشترى من الزكاة سلاح وخيل للجهاد، ولتكن نفقة الخيل من بيت المال. "ابن السبيل" هو الغريب المحتاج لمن يوصله لوطنه فيعطى من الزكاة إن كان حراً مسلماً غير هاشمي، ولا عاصياً بسفره، كقاطع الطريق، ومتى استوفى الشروط أخذ، ولو غنياً ببلده، إن لم يجد من يسلفه ما يوصله إليها , وإلا فلا يعطى. كمن فقد أحد الشروط، ويجب في الزكاة أن ينوي مخرجها أن هذا القدر المعطى زكاة، وتكون النية عند توزيعها أو ينوي عند العزل، فإن نوى عند عزل مقدار الزكاة أنه زكاة، كفاه ذلك، فإن تركت النية أصلاً، فلا يعتد بما أخرجه من الزكاة، ولا يلزم إعلان الأخذ بأن ما أخذه هو من الزكاة , بل يكره لما فيه من كسر قلب الفقير، ويتعين تفرقة الزكاة بموضع الوجوب أو قربه، ولا يجوز نقله إلى مسافة قصر فأكثر، إلا أن يكون أهل ذلك الموضع أشد حاجة من أهل محل الوجوب، فيجب نقل الأكثر لهم، وتفرقة الأقل على أهله , وأجرة نقلها من بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد بيت مال بيعت واشتري مثلها بالمحل الذي يراد النقل إليه، أو فرق ثمنها بذلك المحل على حسب المصلحة، وموضع الوجوب هو مكان الزروع والثمار، ولو لم تكن في بلد المالك ومحل المالك.