للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكاة المزروعات وما تنتجه الأرض:

يجب في زكاة ما تنتجه الأرض العشر فيما يسقى بالمطر والأنهار والعيون، ونصف العشر فيما يسقى بالآلات؛ أخذا من حديث سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عشريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) .

وفي رواية أبي داود: أو كان بعلا العشر، ((وفيما سقي بالسواني نصف العشر))

والأنواع التي تزكى من المزروعات فقد اختلف العلماء في أمرها. فعن أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة؛ الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) . رواه الطبراني والحاكم. وعن معاذ رضي الله عنه قال: "أما القثاء والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وقال مالك في موطئه: الحبوب التي فيها الزكاة الحنطة والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والجلبان واللوبيا والجلجلان وما أشبه ذلك من الحبوب التي تصير طعاما.

وروى ابن حزم في المحلى أن الإمام مالكا قال: الزكاة واجبة في القمح والشعير والسلت وكلها صنف واحد، وفي العدس والسلت وفي الدخن والسمسم والأرز والذرة، وفي الفول والحمص واللوبيا والعدس والجلبان والبسيل والترمس وسائر القطنيات، ورأى الزكاة في حب العصفر وزيت الفجل. والزكاة في الزبيب وفي زيت الزيتون، ولم يرها في شيء من الثمار، كالتين والقسطل والرمان والجوز واللوز وما أشبهه هـ.

وقال أبو حنيفة: الزكاة في كل ما أنبتت الأرض من حبوب أو ثمار أو نوار، حتى الورد والسوسن والنرجس وغير ذلك ما عدا الحطب والقصب والحشيش، مستدلا بعموم قوله تعالى: {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الأنعام: ١١٤. وكذلك ذهب الإمام أحمد إلى وجوب الزكاة في كل ما أخرجه الله من الأرض من الحبوب والثمار، مما ييبس ويبقى ويكال ويستنبته الآدميون في أراضيهم، سواء كان قوتا كالحنطة، أو من القطنيات أو من الأباريز: كالكزبرة والكروياء، أو من البذور كبذر الكتان والقرطم والسمسم، وتجب عنده أيضا فيما جمع وصفي للاقتيات والادخار؛ كالتمر والزبيب والمشمش والتين واللوز والبندق والفستق.

وإذا كان سبب الخلاف بين قصر الزكاة على بعض الأصناف المذكورة في الأحاديث السابقة، وبين من رأى وجوبها في غيرها هو علة الاقتيات والادخار، فإن كثيرا من النباتات والثمار أصبح مدخرا وذا قيمة في الاقتيات والإنتاج، خصوصا وأن عموم اللفظ في قوله تعالى: {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} بعد قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} أي يوم نضجه وجنيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>