واختلف العلماء في لام {لِلْفُقَرَاءِ} هل هي للملك أو للمحل؟ فعلى أنها للملك فيجب إعطاء كل صنف حظه من الصدقة، ولا يجوز إعطاؤها لصنف دون آخر، وعلى أنها للمحل؛ أي: أن الأصناف الثمانية محل توضع فيه الصدقة، ففي أي صنف منها وضعت الصدقة أجزأت، قال بالأول الشافعي، ويسانده ما ذهب إليه حديث زياد بن الحارث الصدائي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الصدقات فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يرض في الصدقات بحكم نبي ولا غيره حتى جزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من أهل تلك الأجزاء أعطيتك)) . رواه أبو داود والدارقطني.
وذهب الإمام مالك وغيره إلى أنها للمحل؛ أي: أن الأصناف المذكورة في الآية محل توضع فيه الزكاة وتصرف له، وفي أيها وضعت أجزأت مستدلين بقول الله سبحانه:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} البقرة: ٢٧١.
وبحديث:((أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم.))
وقد اختلف العلماء في توزيع الزكاة على الأصناف الثمانية الذين خصصتهم الآية الكريمة بها: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، والأرقاء، والغارمين، وسبيل الله، وابن السبيل، فالإمام مالك يرى أن للمنفذ للصدقة أن يجتهد ويتحرى موضع الحاجة من الأصناف المذكورة، ويقدم الأولى من أهل الخلة والفاقة، وله أن ينظر في ذلك كل عام، ويضعها فيمن يراه أشد احتياجا من غيره، وهو قول عمر وعلي وحذيفة وابن عباس رضي الله عنهم.