اختلف العلماء في الحد الأدنى للفقر والمسكنة الذي يجوز معه أخذ الصدقة، فقال مالك: من له دار سكنى وخادم لا يستغني عنهما يعطى من الزكاة. وقال أبو حنيفة: من معه عشرون دينارا أو مائتا درهم فلا يأخذ من الصدقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم)) .. فاعتبر من يملك نصابا غنيا لا يجوز له أن يأخذ الصدقة، وقال الشافعي وأبو ثور: من كان قويا على الكسب والاحتراف مع قوة البدن وحسن التصرف حتى يغنيه ذلك عن الناس فالصدقة عليه حرام. محتجا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تحل الصدقة لغني ولا ذي مرة سوي.)) رواه أبو داود والترمذي والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما.
روى جابر رضي الله عنه قال: جاءت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة.. فركبه الناس فقال:((إنها لا تصلح لغني صحيح ولا لعامل.)) رواه الطبراني. وعن عبد الله بن عدي بن الخيار قال: "أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة، فسألاه فرفع بصره وخفضه فرآنا جلدين فقال:((إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)) رواه أبو داود.
وقال أبو عيسى الترمذي في جامعه: إذا كان الرجل قويا محتاجا، ولم يكن عنده شيء فتصدق عليه أجزأه عن المتصدق. وحمل الحديث السابق على المسألة أي أن القوي لا يجوز له أن يسأل، والله أعلم.