للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أن الباطل شجون يستدعي بعضه بعضًا وحيث فتح الشيخ باب هذه الفتنة فإنه سيأتي من يبني على حكمه فيقول بجواز عملية التلقيح مع الأبكار العذارى، ومع الثيبات الخليات من الأزواج لكون الحكم في الجميع واحدًا فيتسع الخرق على الراقع، وإنني بمقتضى الرد عليه اتكلم في بطلان التلقيح بنوعيه:

نوع التلقيح بمني الرجل الغريب بلا واسطة.

ونوع الشتل.

فكلا الأمرين في البطلان سيان، إذ الأمر فيهما يدور على نقل مني رجل غريب في رحم امرأة غريبة منه ليست بزوجته والتي من واجبها أن تصون نفسها عن اختلاط ماء الغير بها، إذ هو نظير الزنا ونفس التلقيح الصناعي بلا فرق.

فلو بقي الأمر فيها مستورًا غير منشور لآثرنا غلق بابه على خبيئة خطئه واضطرابه، ولم نتعرض لنشر هذا الشر وأسبابه، لكن القضية صارت منشورة وحكمه فيها مشهور حتى صارت حديث الجمهور في مجالسهم ومدارسهم فأخذوا يخوضون في موضوع حقيقته، وفي غرابة الحكم بإباحته.

لهذا وجب علينا حتمًا أن نبين للناس ما نزل إليهم من ربهم وما شرعه لهم نبيهم في موضوع هذه القضية نفسها فإن شريعة الإسلام كفيلة بحل المشاكل كلها، والله سبحانه وتعالى قد أوجب على العلماء البيان وحرم عليهم الكتمان.

قال الشيخ يوسف في تفصيل ما حكم به مع فرض وقوعه فقال: (ضوابط وأحكام) إن من الشروط أن تكون الحاضنة أي التي فيها التلقيح:

أولًا: ذات زوج.

وثانيًا: أن يكون هذا الفعل برضي الزوج.

ثالثًا: يجب أن تستوفى المرأة الحاضنة العدة من زوجها خشية أن يكون قد علق برحمها بويضة ملقحة، فلابد أن تضمن براءة رحمها منعًا لاختلاط الأنساب.

رابعًا: نفقة المرأة الحاضنة وعلاجها ورعايتها طوال مدة الحمل والنفاس على أبي الطفل، أي الملقح للبويضة، أو على وليه من بعده، لأنها غذت الجنين من دمها، فلابد أن تعوض عما فقدته ثم استدل بقوله {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [سورة الطلاق: الآية ٦] .

خامسًا: جميع أحكام الرضاعة وآثارها تثبت من هنا من باب قياس الأولى أي للمرأة الأجنبية صاحبة المني.

أما زوج المرأة الحاضنة، أي زوج التي حملت وولدت فليس له أي علاقة بالجنين، انتهى كلام الشيخ يوسف.

وأقول: إن هذا التقرير الصادر منه هو صريح في الحكم منه لصحة عملية الشتل مع العلم أنه عالم يقتدى به، وينتهي أكثر الناس إلى رأيه، وفي هذا الرأي من التغرير المخالف لتقريره السابق ما لا يخفى على أحدٍ.

وحكمه بهذا هو حكم باطل في نفس الأمر والواقع.

لا وافق الحكم المحل ولا هو استوفى الشروط فكان ذا بطلان (١)


(١) انظر (توضيح المقاصد في شرح قصيدة ابن القيم) للشيخ أحمد بن عيسى ١/ ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>