فبواسطة هذه الإدارة العالمية للزكاة التي سوف يتسنى لنا معاشر المسلمين من تقديم الدعم والمساعدات لتلك الجهات جميعا من حاصلة الزكوات التي اجتمعت لديها وغيرها من المصادر السابق الكلام عنها.. وذلك زيادة على الدعم والمساعدات التي تكرمت بتقديمها المؤسسات سابق ذكرها، والتي يرجو كل مسلم أن تستمر في تقديمها كالمعتاد وزيادة، وقيام المزيد من أمثالها.
وإننا بهذا سوف نستفيد من الأموال التي أهملت دون الاستفادة بها في الأوجه التي تعود بالخير العميم لنا جميعا وعلى الوجه المطلوب في ديننا.
فإن الذبائح والدماء والهدايا التي قدمها الحجاج كل سنة ما شرعت إلا لتكون منافع لنا، كما نص علينا القرآن الكريم:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}[الحج: ٢٨] ولمصلحة الفقراء منا. ولكن أين هذه المنافع وأين هذه المصلحة ما دامت هذه الذبائح أهملت هكذا كل عام في سفوح جبال القريان بمنى، مع أن هناك محتاجين كثيرين يرغبون في الاستفادة بهذه الذبائح، ولكن لا حول لهم ولا قوة.
فقد حان الآوان بالاستفادة من هذه الذبائح بعد التقدم التكنولوجي والآلات الإلكترونية الحديثة التي يمكن الاستعانة بها في تجميع هذه الذبائح وتنظيفها وحفظها وتوزيعها بالوجه المحقق للغاية من تشريعها.
فإذا لم تكن هناك جهة خاصة تتحمل مسئولية ذلك كله فلتقم بها إدارة الزكاة العالمية مباشرة، أو بواسطة إدارة الزكاة بمكة المكرمة التي يمكن أن تعتبر كإدارة فرعية لهذه الإدارة العالمية، كما تقدمت الإشارة إليها.
ومثل هذا نعمل في الفوائض التي لا تحتاج إليها الدول الإسلامية الغنية، وفوائد الودائع التي يتركها أصحابها للبنوك الأجنبية في أوروبا وأمريكا.
وبهذا نخلص إلى أن تكون الإدارة العالمية للزكاة قد تهيأت لها الوسائل ووجدت هناك رغبة عامة ودواع كثيرة، إلا أن تنفيذ هذا كله – مع ذلك – لن يتم إلا بناء على موافقة الدول الإسلامية والمسلمين وتعاونهم جميعا، ولا شك أنهم جميعا سيتعاونون في تكوينها وإبرازها إلى حيز التنفيذ، وإفساح المجال لها لكي تمارس نشاطها على خير وجه وأتمه.
فإذا تم إنشاء هذه الإدارة العالمية للزكاة فجميع مواردها وما ينتج من استثمارها بواسطة البنك الإسلامي للتنمية، يخص صندوق التضامن الإسلامي؛ لكي يقوم بإنفاقها على مصارفها الشرعية على مستوى الدول والمجتمعات الإسلامية طبقا لأهداف هذه الإدارة وهذا الصندوق. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.