موضوع التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب موضوع أثار الجدل الشديد ليس على المستوى الإسلامي فقط وإنما على مستوى العالم بأجمعه حيث تفرعت عنه قضايا عديدة، ومنذ أن نجح الدكتور سيفت والدكتور إدواردز في تلقيح بويضة السيدة ليزلي براون بماء زوجها في ١٠ نوفمبر ١٩٧٧ وأدى ذلك إلى نجاح أول حمل وولادة أول طفلة أنبوب وهي لويزا براون في ٢٥ يوليه عام ١٩٧٨، قامت حملات إعلامية منظمة شغلت الناس صباح مساء ثم خفت الضجة وانضم إلى نادي أطفال الأنابيب عشرات الأطفال حتى جاوز الرقم في نهاية ٨٤ حوالي ١٠٠٠ طفل أنبوب من بينهم ٥٦ توائم ثنائية و٨ توائم ثلاثية واثنان من التوائم الرباعية، نقلًا عن مجلة التايم الأمريكية في ١٠ سبتمبر ١٩٨٤، وتحول الأطباء وأجهزة الإعلام إلى مواضيع أكثر إثارة مثل تجميد الأجنة المخصبة ونقل البويضة الملقحة من امرأة إلى أخرى وهو ما عرف باسم "الرحم الظئر" وبدأت المشاكل الأخلاقية والدينية تظهر على السطح، وقد صرح الدكتور ادواردز العالم الفسيولوجي الرائد في أطفال الأنابيب بقوله إن هناك حاجة صارخه إلى وضع إطار لآداب وأخلاقيات هذا الميدان، إن كل مؤسسة تجري العملية المذكورة يجب أن تكون لديها لجنة آداب خاصة، ولقد تم بالفعل ولادة أول طفلة من الرحم الظئر، وهناك شركات تجارية لما يسمى بالرحم الظئر في الولايات المتحدة تستأجر الفتيات في الغالب غير متزوجات يحملن أطفالًا من حيوانات منوية وبويضات من أناس متزوجين ويعانون من العقم، وتحولت القضية إلى مشاكل إعلامية ومادة للإثارة، وانشغل بها القضاء، وهناك قضية أخرى إذ أن إجراء محاولة إيجاد أطفال أنابيب تتم بإعطاء المرأة أدوية وعقارات مثل الكولوميده وغيرها تزيد من إفراز البويضات فيأخذ الطبيب عدة بويضات ويلقحها ويزرع عددًا منها في اليوم الثالث إلى الخامس في رحم المرأة، ولذا كثرت ولادة التوائم في أطفال الأنابيب وذلك تحسبًا للفشل، كما أن الطبيب يحتفظ بمجموعة من البويضات الملقحة مثلجة ومجمدة، فإذا فشلت المحاولة الأولى أعاد الكرة، وإذا نجحت المحاولة فماذا يتم في الأجنة المجمدة؟ سؤال أثار ضجة كبرى في الإعلام الغربي، هل يسمح بإجراء التجارب على هذه الأجنة، وذلك قد يفيد الإنسانية في معرفة بعض الأمراض الوراثية والمتعلقة بالصبغيات وغيرها، وقد نشرت الصحف أخيرًا، بعد كتابة هذا البحث، أنه قد أجرى بالفعل أبحاث على هذه الأجنة المجمدة وبديء بالبحث فيها حتى لمعرفة بعض الأسرار أو بعض الأمراض الوراثية، فهذه هي إحدى القضايا الأخلاقية والدينية الشائكة، وفي بريطانيا تكونت لجنة من البرلمان والمختصين ورجال الدين، عرفت باسم لجنة "ورانك" وأنيط بها دراسة هذه المشكلة، واقترحت هذه اللجنة بعد خلاف طويل حاد بين أعضائها، أن استخدام الأجنة يسمح به لمدة أسبوعين فقط وذلك قبل أن تتشكل أول بداية للجهاز العصبي الذي يناط به تكوين الدماغ والنخاع.
وتفرعت مشاكل عديدة كلها جديدة مثيرة تستحق الدرس والبحث، وإذا كانت هذه المشاكل لا تزال في الغرب فإنها ستفد إلينا في القريب العاجل بل إن بعضها قد وفد بالفعل، وقد أعلنت إحدى المستشفيات الخاصة في جدة قيامها بمشروع أطفال الأنابيب حسب الشريعة الإسلامية، وأن عددًا من النسوة قد حملن بهذه الطريقة ولا يزلن ينتظرن الولادة، كما تم توليد أول امرأة سعودية تحمل بواسطة الأنابيب في جدة بواسطة جامعة الملك عبد العزيز وذلك بعد أن تم التلقيح في بريطانيا، أما بالنسبة للتلقيح الاصطناعي فليس هناك مشكلة في الغرب، يتبرع المانح بمائة فيحفظ في بنك المني، ثم تأخذه امرأة ما، في الغالب غير زوجته وقد تكون غير متزوجة أصلًا، وقد نشرت النيوزويك في ١٨ مارس ١٩٨٥، أن هناك ما لا يقل عن ربع مليون طفل، ولدوا نتيجة التلقيح الصناعي بماء غير آبائهم، ولا غضاضة عند هؤلاء القوم في كل هذا فالفوضى الجنسية ضاربة أطنابها ونادرًا ما يستطيع الشخص هناك أن يجزم بأن فلانًا أبوه، لشيوع الزنا، فأكثر من ٨٠ % من الزوجات والأزواج قد اعترفوا بالخيانة الزوجية، والتبني نظام شائع معترف به عندهم، والأم تبيع طفلها في المحكمة، وتتنازل عنه لأسرة تدفع لها ثمنه.