للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي لم يرتض هذا الرأي وأوجب الزكاة في أسهم الشركات جميعها، صناعية وتجارية، وقال عن تفرقة الشيخ عبد الرحمن عيسى بين نوعي الأسهم: هي نتيجة يأباها عدل الشريعة التي لا تفرق بين متماثلين. ثم استصوب الرأي الثاني للأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة ومن وافقه الذي لا يفرق بين نوعي الأسهم تبعا لنوع شركاتها، ورأى أنه أوفق بالنظر إلى الأفراد، وأيسر في الحساب، ثم قال: بخلاف ما إذا قامت دولة مسلمة وأرادت جمع الزكاة من الشركات، فقد أرى الاتجاه الأول (رأي الشيخ عيسي) أولى وأرجح، والله أعلم. (١)

٢- رأي الأساتذة عبد الوهاب خلاف ومحمد أبي زهرة (٢) : يرى هؤلاء الأساتذة أن الأسهم والسندات- الأوراق المالية- إذا كانت قد اتخذت للتجارة، فإنها تكون عروضا تجارية، يجب فيها ما يجب في عروض التجارة من زكاة أي ٢.٥ %، وتكون الزكاة ربع العشر من الأصل والنماء، على حسب ما قرره جمهور الفقهاء.

ورجح الدكتور القرضاوي هذا الاتجاه قائلا: ولعل هذا الاتجاه والإفتاء أوفق بالنظر إلى الأفراد من الاتجاه الأول، فكل مساهم يعرف مقدار أسهمه ويعرف كل عام أرباحها، فيستطيع أن يزكيها بسهولة، بخلاف الاتجاه الأول وما فيه من تفرقة بين أسهم في شركة، وأسهم في أخرى، فبعضها تؤخذ الزكاة من إيرادها، وبعضها تؤخذ زكاته من الأسهم نفسها حسب قيمتها، مضافا إليها الربح، وفي هذا شيء من التعقيد بالنظر إلى الفرد العادي.

ولكني أرى أن الاتجاه الأول هو المقرر فقها، وهو الذي جرى عليه العمل منذ ظهور الشركات المساهمة وبدأ انتشارها في الأربعينات، ولا تعقيد في الأمر، فالمسلم يعرف أن الآلات الصناعية لا زكاه فيها، فإذا وظف ماله بطريق الأسهم في شركات صناعية، يحسم ما يقابل تلك الآلات، وإذا وظف ماله في أسهم شركات تجارية، زكاها كزكاة الأموال التجارية. (٣) وللأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة رأي قديم فيه تفصيل، ورد في تقرير حلقة الدراسات الاجتماعية لجامعة الدول العربية المنعقدة بدمشق سنة ١٩٥٢، وهو الرأي الذي أعلنه أيضا في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية سنة ١٩٦٥، ومفاده: أن الأسهم والسندات إذا اتخذت للتجارة أو بغرض المضاربة وإعادة بيعها في أسواق الأوراق المالية، والكسب من تجارتها، تعتبر من عروض التجارة، ويؤخذ منها الزكاة بتقدير قيمتها في أول العام وقيمتها في آخره، بنسبة ٢.٥ % ربع العشر من الأصل والنماء متي بلغت نصابا.


(١) فقة الزكاة: ١/٥٢٥، ٥٢٨
(٢) حلقة الدراسات الاجتماعية الثالثة: ص٢٤٢، بحث الأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة، في مجمع البحوث الإسلامية – المؤتمر الثاني في القاهرة، في أيار مايو ١٩٦٥ م.
(٣) انظر ص ١٣٧، وأشار إليه الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة في كتابه "التطبيق المعاصر للزكاة " ص ١١٨، واعتمده في بحثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>