للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتزكي الشركات جميع الأسهم؛ لأن للشركة ربحا من الأسهم، فهي شريك للمساهم، ولأن الشركة المساهمة لها شخصية اعتبارية مستقلة (١) وبما أن الزكاة تكليف متعلق بالمال نفسه، فإنها تجب على الشخص الاعتباري، حيث لا يشترط فيها التكليف الذي أساسه البلوغ مع العقل، وقياسا على زكاة الماشية في مذهب الشافعية الجديد القائلين بتأثير الخلطة في المواشي وغيرها، وهو مذهب المالكية والحنابلة أيضا في المواشي (٢) عملا بعموم الحديث النبوي الثابت في الزكاة: ((لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) ، ولأن السهم يعبر عن قيمة مالية أو مبلغ من مال، فهو مال تجب فيه الزكاة، فأثرت الخلطة في زكاتها كالماشية، ولأن المالين كالمال الواحد في المؤن (التكليف) من مخزن وناطور وغيرهما، فهي - أي: غير المواشي - من النقود والحبوب والثمار وعروض التجارة كالمواشي، فتخف المؤونة إذا كان المخزن والميزان والبائع واحدا.

وحينئذ لا يعفى من زكاة الأسهم في الشركات المساهمة أحد من المساهمين، ولو كانت حصته سهما واحدا، وتؤدى الزكاة من صافي مال الشركة المساهمة النامي ونمائه، بنسبة ٢.٥ % ربع العشر، فلا تحتسب قيمة الأموال والأصول الثابتة ـ عروض القنية ـ كالأراضي والمباني والآلات وغيرها؛ لأن السهم يمثل حصة في صافي الشركة المساهمة من أموال وأصول ثابتة وأموال وأصول متداولة (نقود وعروض تجارة) .

أما القول بزكاة الأسهم كزكاة الأصول الثابتة بنسبة ١٠ % من الأرباح فهو رأي ضعيف لا تقره آراء فقهائنا القدامى.

ثم إن في إلزام الشركة المساهمة بإخراج زكاة الأسهم جميعها نفعا محققا للفقراء، ويؤيد هذا الرأي أن الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة رأى في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية سنة ١٩٦٥ كما تقدم أنه إذا كانت الأسهم تتخذ للاستثمار، وهي ممثلة في رأس مال شركة مساهمة، فإن دفع الشركة للزكاة يغني عن دفع حامل السهم، إلا أن مجمع البحوث الإسلامية أوصى بأنه في الشركات المساهمة التي يساهم فيها عدد من الأفراد لا ينظر في تطبيق هذه الأحكام إلى مجموع أرباح الشركات، وإنما ينظر إلى ما يخص كل شريك على حدة.

لكني أخالف هذا الاتجاه للأسباب السابقة، أما في حال تفرقة الزكاة وتوزيعها فلا مانع من إعطاء صاحب الأسهم زكاته؛ ليتولى تفرقتها بالنيابة عن الشركة وأصالة عن نفسه.


(١) وهذا رأي الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة في التطبيق المعاصر للزكاة ص ١١٩
(٢) كتاب الفقه الإسلامي وأدلته ١/٨٤٤ – ٨٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>