وأود أن أشير إلى أن النظرة الفقهية للشركات المستجدة والمعاصرة يجب أن لا تكون محصورة في دائرة النصوص الشرعية، ولا في المسائل الفقهية للفروع المذهبية، بل يجب أن تأخذ بالاعتبار إضافة إلى ذلك المبادئ العامة للشريعة، والتي تعتبر المنطلقات الشمولية للاجتهاد، وتعطي للشريعة الإسلامية تكاملها الجمالي في حدود ضوابط الاجتهاد الأصولي وشروطه عند علماء الاجتهاد. وفي هذا أورد إشارة إجمالية إلى ما يلي:
١- لا يشك مجتهد من علماء الأمة الإسلامية بأن مبادئ الإسلام العامة والكلية تفرض على المالك أعمال استثمار ماله إذا قضت بذلك ظروف العصر وضرورات المجتمع الإسلامي.
٢- وجوب اتباع أرشد السبل في استثمار هذا المال.
٣- وجوب توجيه استثمار المال في المجتمع الإسلامي إلى جميع المسالك التي تتطلبها ضرورات المجتمع.
ومن هذه المبادئ العامة والمنطلقات الشمولية أجمع الفقهاء إلى أن أول تكليف شرعي يقع على مالك المال هو شكر الله وتوظيفه لمصلحة المجتمع لينتفع به، وذلك بإيداعه في المصارف والمشاريع العامة ليستفيد منه المجتمع الإسلامي. ولا يكون كذلك إلا إذا وجه نشاطه ومواهبه إلى استثمار هذا المال في نطاق الوجوه المشروعة للاستثمار والتنمية على نحو يفي بحاجاته وحاجات من يعيلهم، وبغير عدوان على مصلحة الجماعة أو المصلحة العامة؛ ذلك لأن الإسلام يبغض الفقر ويكافحه ويدعو المجتمع الإسلامي إلى الجد والاجتهاد في تنمية أمواله المادية أخذاً بنصيبه من الدنيا.
وبهذه النظرة الفقهية الشمولية تفهم العبادات التي فرضها الإسلام على المسلمين بأن أداءها والقيام بها لا يجوز أن يكون مدعاة للتراخي في نشاط المسلم المادي وابتغاء فضل الله بكسب المال الحلال واستثماره في نطاق الوسائل المشروعة لكسب المال واستثماره، قال تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} الجمعة: ١٠. والنصوص الشرعية في هذا المجال معروفة لأصحاب الفضيلة أعضاء المجمع.