للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن هذه الصوافي مردها إلى رأي الإمام يقطع فيها لمن أراد إقطاعه , ويطلق عليها صوافي الأسفار أو صوافي الأشبار , وعلى الإطلاق الأول معناه: الأراضي المستخلصة في الأسفار , وعلى الثاني: الأراضي المستخلصة للإعطاء (١) فإن لولي الأمر أن يجيز من هذه الأراضي ويعطي من كان له غناء في الإسلام , ويضع ذلك مواضعه , ولا يحابي به , فإن هذه الإقطاعات إنما يقطعها الإمام لأجل العمل بها واستثمارها قال أبو يوسف في كتاب الخراج: "والأرض عندي بمنزلة المال , فللإمام أن يجيز من بيت المال من كان له غناء في الإسلام ومن يقوى به على العدو , ويعمل في ذلك بالذي يرى أنه خير للمسلمين وأصلح لأمرهم، وكذلك الأرضون يقطع الإمام منها من أحب من الأصناف التي سميت , ولا أرى أن يترك أرضًا لا ملك لأحد فيها ولا عمارة حتى يقطعها الإمام , فإن ذلك أعمر للبلاد وأكثر للخراج (٢)

فإن كل أرض أقطعها الإمام فأهملها ولم يستثمرها حتى مضى على ذلك ثلاث سنين , فإن للإمام أن يأخذها منه أو يقطعها غيره بدون تعويض (٣) وكذلك إذا عجز عن استغلالها واستثمارها لكبر مساحتها، فإن للإمام أن يسترد ما زاد على مقدرته ويقطعها غيره. وقد أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني ما بين البحر والصخر , فلما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , قال له: إنك لا تستطيع أن تعمل هذا , فطيب له أن يقطعها للناس ما خلا المعادن , فإنه استثناها (٤)


(١) الرتاج المرصد على خزانة كتاب الخراج: ١ / ص ٣٩٥.
(٢) الرتاج ١ -٤١٨.
(٣) الرتاج ١- ٤١٨.
(٤) الرتاج، ٤٢٥، وانظر أيضًا في هذا المعنى مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها لعلال الفاسي، ص ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>