للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن صور العقود التي تمت والاتفاق على بدل العقار الذي احتيج إليه للمنفعة العامة ما ذكره الحافظ أبو الطيب تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكي المالكي في (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) عن توسعة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة الوليد بن عبد الملك. وذلك أنه لما استعمل عمر بن عبد العزيز على المدينة , أمره بالزيادة في المسجد وبنيانه , فاشترى ما حوله من المشرق والمغرب والشام من أبي سبرة الذي كان أبى أن يبيع عليه , ووضع الثمن له , فلما صار إلى القبلة , قال له عبد الله بن عمر: لسنا نبيع هذا , هو من حق حفصة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكنها , فقال له عمر: ما أنا بتارككم، أنا أدخلها المسجد. فلما كثر الكلام بينهما , قال له عمر: أجعل لكم في المسجد بابًا تدخلون منه , وأعطيكم دار الرقيق مكان هذا الطريق , وما بقي من الدار فهو لكم. ففعلوا , فأخرج بابهم في المسجد , وهي الخوخة التي في المسجد تخرج في دار حفصة , وأعطاهم دار الرقيق (١) وهذا يدل على أنه لا يتعين النقد بدل العين المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة , بل يجوز أن يكون شيئًا آخر كالتعويض العيني وهو ما يعرف في البيوع بالمقايضة , أو بهما معًا , ونظير ذلك ما جاء في معجم البلدان في مادة (بصرة) : وكان جانب الجامع الشمالي - أي: جامع البصرة - منزويًا؛ لأنه كان دارًا لنافع بن الحارث أخي زياد , فأبى أن يبيعها , فلم يزل على تلك الحال حتى ولى معاوية عبيد بن زياد على البصرة , فقال عبيد الله بن زياد: إذا شخص عبد الله بن نافع إلى أقصى ضيعة , فأعلمني، فشخص إلى قصر الأبيض، فبعث فهدم الدار , وأخذ في بناء الحائط الذي يستوي به تربيع المسجد، وقدم عبد الله بن نافع فضج. فقال له: إني أثمن لك , وأعطيك مكان ذراع خمسة أذرع , وأدع لك خوخة في حائطك إلى المسجد , وأخرى في غرفتك، فرضي , فلم تزل الخوختان في حائطه حتى زاد المهدي فيه ما زاد , فدخلت الدار كلها في المسجد (٢)


(١) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام: ج/٢، ص ٣٧٢.
(٢) معجم البلدان: ج١/ ٤٣٤ مادة بصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>