للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الضابط أو هذا الشرط جوهري إلى أبعد الحدود، فانتزاع الملكية رغما عن إرادة المالك غير جائز أبدًا , اللهم إلا في حالة واحدة. وهي ما إذا تأكد ولي الأمر من ضرورة تحقيق النفع العام عن طريق المساس بملك أحد الأشخاص. وإذن فلابد من توفر هذا الشرط حتى لا تنطلق يد السلطة في أموال العباد بحجة المنفعة العامة , بحيث تنعدم كل الوسائل الأخرى لتحقيق النفع العام إلا عن هذا الطريق.

فإذا كانت هنالك وسيلة أخرى تحقق مصلحة المجتمع بدون المساس بحقوق العباد , فهنا لا يصح أبدًا التعرض لما يملك الناس، حيث يكون هذا التعرض خروجًا على أحكام الله تعالى ومخالفة وعصيانًا لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بين لنا أن الأموال محرمة إلى أن تقوم الساعة (١)

الضابط الثاني: التعويض العادل:

إذا توفر الضابط الأول وبات من المؤكد أن مصلحة المجتمع لا يمكن أن توجد إلا عن طريق المساس بملك أحد الأفراد , فهنا يتعين على الدولة أن تدفع للمالك قيمة ملكه كاملًا بالتقدير المرضي لصاحب الشأن. الذي ينبغي عليه أن يقبل هذا التعويض نظير التنازل عن ملكه بنفس راضية تحقيقًا لمصلحة المجتمع؛ لأن المال في المبدأ والانتهاء هو مال الله تعالى، وينبغي أن يسخر لخدمة عباد الله. ولذلك فلا يصح لصاحب المال أن يرفض التعويض (٢) المعروض عليه من الدولة ما دام كافيًا ومرضيا إذ الرفض في هذه الحالة يعتبر تعنتًا يبيح لولي الأمر انتزاع الملكية رغم إرادة المالك في إطار التعويض الوافي كما قلنا.


(١) مبادئ الفقه الإسلامي: للدكتور يوسف قاسم، ص ٢٩٩.
(٢) والمقصود هنا: الرفض لعدم كفاية التعويض. أما لو تبرع بأرضه لله تعالى دون مقابل ورفض أخذ التعويض ابتغاء وجه الله تعالى , فهذا لا كلام فيه هو الذي ينبغي أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>