للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرافي في الذخيرة: (إذا ثبت الملك في عين , فالأصل استصحابه بحسب الإمكان، فإذا اقتضى سبب نقل ملك، أو إسقاطه، وأمكن قصر ذلك على أدنى الرتب، فعلنا. ولهذه القاعدة قلنا: إن الاضطرار يوجب نقل الملك إلى المضطر إليه، ولكن يمكن قصر ذلك على المرتبة الدنيا , بأن يكون بالثمن، ولا حاجة إلى المرتبة العليا، وهي النقل بغير ثمن (١) وقال في الفروق: " إن الملك إذا دار بين المرتبة الدنيا والمرتبة العليا حمل على الدنيا، استصحابًا للملك بحسب الإمكان، وانتقال الملك بعوض هو أدنى رتب الانتقال، وهو أقرب لموافقة الأصول من الانتقال بغير عوض (٢) وقال القاضي أبو عبد الله المقري: (إذا دار الملك بين أن يبطل بالجملة أو من وجه، فالثاني أولى، لأنه أقرب إلى الأصل) .

وقد تعرض ابن رجب في قواعده إلى مسألة: (هل يتوقف الملك في العقود القهرية على دفع الثمن، أو يقع بدونه مضمونا في الذمة؟ (٣) فبين أن هذا على ضربين: أحدهما: التملك الاضطراري، كمن اضطر إلى إطعام غيره، ومنعه منه، وقدر على أخذه، فإنه يأخذه مضمونًا، سواء أكان معه ثمن يدفعه في الحال أم لا، لأن ضرره لا يندفع إلا بذلك.

والثاني: التمليكات المشروعة لإزالة الضرر كالأخذ بالشفعة وأخذ الغراس والبناء من المستعير والمستأجر، فقد اختلف الفقهاء فيها على مذهبين:

الأول: لا تملك إلا بعد دفع الثمن، وهو محكي عن ابن عقيل من فقهاء الحنبلية.

الثاني: تملك بدون دفع الثمن، ولكنه يقع مضمونا في الذمة، واختار هذا المذهب ابن تيمية (٤)

٣ - وأما ما استدل به الشيخ علي الخفيف على أن الزيادة تؤخذ بلا عوض:

أ- فالبنسبة إلى دليله الأول فإن قياسه أخذ الزيادة في تحديد الملكية على أخذ الأموال لتجهيز الجيوش والدفاع عن البلاد، والذي يكون بدون عوض، بجامع أن كلا منهما تقضي به الضرورة، قياس مع الفارق؛ لأن الضرورة في حالة أخذ الأموال لتجهيز الجيوش تقضي باستهلاك هذه الأموال فيما أخذت له , أما الضرورة في حال الزيادة في تحديد الملكية فهي تقضي بأخذ الزيادة، لا لتنفق، إنما لتعطى لغير المأخوذ منه، والهدف من ذلك هو منع قيام ملكية كبيرة في نوع معين من الأموال، وليس أخذ هذا المال لينفق في مصلحة عامة للأمة.


(١) الذخيرة. جـ ٥ ص ٣٠.
(٢) الفروق جـ ١ ص ١٩٥-١٩٦ جـ٤ ص٩، وانظر شرح المنهج المنتخب: و ١٥٧ أ.
(٣) القاعدة ٥٠ من قواعد ابن رجب.
(٤) قواعد ابن رجب: ص ٧٢ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>