الخلاصة، المحاذير التي ذكرت ثانوية كلها ولكنها واقعية يجب أن نلحظها بعين الاعتبار، وعلينا أن نحتاط لديننا ونحتاط لنسلنا، ولكن الاحتياط يجب أن يكون احتياطًا طبيعيًا، الاحتياط المضيق قد يؤدي إلى تحريم حلال، فنغلق الباب أمام حلال شرعي تمامًا كما قد نحلل حرامًا قد نحرم حلالًا وكلاهما مرغوب عنه، وشكرًا.
الرئيس:
أحب أن أضيف إلى كلمة الشيخ أن الفتيا أو تقرير الجواب لن يتجاوز الصور المطروحة أمامنا، نفس الصور المطروحة أمامنا هي التي تعطينا التصور الكامل للوقائع في هذا التلقيح وفي طفل الأنابيب، فنحن أمام صور واقعة أمامنًا وإذا وجد صور مستقبلية أو طرأ على هذه الصور نفسها ما يغير مسارها الذي شخص أمامنا، فالعلم والإيمان مكانهما إلى يوم القيامة وأهل العلم موجودون.
الشيخ أحمد محمد الخليلي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شكرًا معالي الرئيس، في الواقع ما كنت أردت أن أتحدث في هذا الموضوع لأنه مما قيل الحكم على الشيء فرع تصوره، فالشخص الذي لا يتصور الشيء تمام التصور ينبغي أن يقف دون الحكم له أو عليه، والله تعالى يقول {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ولكن من خلال البحث أخذت بعض الفائدة وفهمت شيئًا من صورة التلقيح الصناعي أو طفل الأنابيب، وأردت أن أنبه على شيء، وهو أن الله سبحانه وتعالى بحكمته خلق الإنسان من أبوين من ذكر أو أنثى وجعل بين النسل والأصل رباطًا هذا الرباط يتمثل في هذه العاطفة، عاطفة الأبوة والأمومة من ناحية، ومن ناحية ثانية عاطفة البنوة، وجعل الله سبحانه وتعالى سبب وجود هذا الإنسان بحسب حكمته التلاقي ما بين الزوجين، وهذا التلاقي تصحبه مشاعر الود، مشاعر الرحمة، مشاعر التعاطف بين الزوجين بحيث يكونان كالشخص الواحد بحيث تتحد مشاعرهما تكون كمشاعر الإنسان الواحد، لا ريب أن في ذلك حكمة كبرى من الله سبحانه وتعالى في خلق هذا الإنسان بهذا السبب، فإذا ما فقد هذا الأمر فقدت هذه المشاعر في تكوين هذا الإنسان، ماذا عسى أن يكون مستقبل هذا الإنسان الذي يتولد بهذه الطريقة التي تفقد هذه المشاعر ما بين أبويه في حالة تكوينه، فهل يكون هذا الإنسان في المستقبل إنسانًا طبيعيًا أو تتغير حالته؟ ما أظن أن الأطباء ولا غيرهم يستطيعون أن يجزموا في هذا بحكم، ومن القواعد الشرعية المسلمة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" ومن المعلوم قطعًا أن انكشاف المرأة للرجل الأجنبي حتى ولو كان عدلًا ثقة بل حتى ولو كان نبيًا مرسلًا، لا يصح إلا لضرورة لا محيص عنها، ومادامت المنفعة وهمية، لأن إلى الآن لا نستطيع إن نقول أن المصلحة حاصلة، فالأطباء أنفسهم يقولون أن ٨٠ % من التجارب تبوء بالفشل، فإذن المصلحة إلى الآن هي وهمية، مصلحة مظنونة بينما المفسدة مفسدة متيقنة، وهي اطلاع الرجل الأجنبي مهما كانت حالته في الصلاح والاستقامة على عورة المرأة، وفي نفس الوقت هذه القيود التي ذكرت، طبعًا هي قيود نبعت من أفكار أناس فيهم الغيرة على دين الله تعالى وعندهم حصافة الرأي وعندهم العلم الواسع، ولكن هذه القيود هل نحن نستطيع أن نفرضها؟ إلى الآن طبعًا الحمل يكون في أمريكا أو في أوربا، أين الطبيب المسلم الثقة أو أين الطبيبة المسلمة الثقة؟ هل هناك موجودة، وكون الزوج نفسه طبيبًا والزوجة طبيبة هذه حالات نادرة، والنادر لا حكم له، والإسلام يحرص على أن تكون الأنساب أنسابًا سليمة لا يشوبها أي شك وحسب ما سمعت بأن التلقيح يكون تلقيح عدة بويضات من عدة حيوانات لأجل الاحتياط وهذه يحتفظ بها في الثلاجات هناك، فإذا كان الأمر كذلك هل نحن نأمن بعد ذلك أن يتم لقاح آخر بعدما تم هذا التلقيح ما بين بويضة وحيوان منوي من زوجين بقية البويضات والحيوانات، هل نحن نأمن مادامت هي موجودة في ثلاجات عند ناس غير مؤمنين ناس غير مسلمين لا نأتمنهن بحيث لا يستغلون هذه البويضات وهذه الحيوانات التي تم تلقيحها في توليد عند ناس آخرين، أظن الشيء هذا لا نستطيع أن نجزم فيه خصوصًا بما أن إلى الآن كل شيء يتم في الغرب ولو كانت ولادة مثل التي هنا في السعودية لكن التلقيح تم في الغرب، فمادام الأمر كذلك فيجب أن نتبصر وأن ننظر أيضًا إلى مستقبل هذا الطفل هل يكون مستقبله طبيعيًا أو غير طبيعي، وقد قدم النصيحة فضيلة الشيخ رجب التميمي ويجب أن ينظر إلى هذه النصيحة نظرة اعتبار وتقدير لأنه يجب علينا أن لا نندفع وراء العواطف وأن نقول هذا عمل إنساني أو نقول أننا نريد أن يظهر الإسلام بمظهر التقدم العلمي، لا، الإسلام أجل من ذلك، فالقضية مطروحة للنظر والتأمل، وشكرًا لكم.