للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولا أتصور أن تكون هذه العملية إنسانية لأنها تعمل على تشجيع الأمهات على الامتناع عن إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية.. هذا إلى جانب الناحية النفسية للطفل، فقد أكدت كل البحوث والدراسات أن تربية الطفل الرضيع ليست عملية تغذية فقط إلا أنه إلى جانب ذلك تعطى للطفل جرعة من الإشباع في الحنان والحب والدفء والعطف من الأم".

ورغم أن الدكتور علي فهمي لم يفهم الفكرة الأساسية من بنوك اللبن وهي إعطاء لبن إنساني للأطفال الحذج أو غيرهم ممن هم في حاجة ماسة إليه وليس بديلًا عن الرضاعة الطبيعية وإنما هو حالة استثنائية لمن لا تستطيع أن ترضع طفلها المحتاج للرضاعة إلا أن ما ذكره من احتمال وجود طبقة من الأمهات الفقيرات يبعن لبنهن في مقابل دريهمات ويضعن أولادهن في خطر المسغبة، أو إعطاء أولادهن اللبن الصناعي (اللبن الحيواني) مما يعرض هؤلاء الأولاد لمخاطر التغذية بالألبان الصناعية، إلا أن ذلك أمر وارد وخاصة في البلاد النامية حيث رأينا أن التبرع بالدم قد تحول إلى تجارة حيث يقوم الفقراء والمحتاجون ببيع دماءهم لمراكز الدم.

أما الدكتور محمد فؤاد إسماعيل أخصائي حفظ وتبريد الألبان في مصر فيقول: "إن الله عز وجل كرم الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته، وبتطبيق نظام بنك ألبان الأمهات (ومع تقديري للأمهات) إلا أنها تتمثل بالبقرة الحلوب أو الجاموسة أو النعاج بجمع لبنها وتعامل بوسائل الحفظ المختلفة من تبريد وتجفيف، هذه الطريقة لا يمكن أن يتقبلها الإنسان لا شكلًا ولا موضوعًا" (١)

وقد قمت بسؤال بعض المختصين في هذا الموضوع وهم الأستاذ الدكتور محمود حسن أستاذ طب الأطفال ورئيس قسم الأطفال بمستشفى الأطفال والولادة بجدة والدكتور محمد أمين صافي الأستاذ المساعد بقسم الكائنات الدقيقة بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز وصاحب عدة أبحاث في اللبن وخواصه المناعية والدكتور أحمد خالد حميدة الأستاذ المساعد بطب الأطفال جامعة الملك عبد العزيز، وكانت خلاصة آرائهم تتفق في الآتي مع آراء كاتب هذه السطور:

١- لا توجد حاجة حقيقية لبنوك اللبن في البلاد الإسلامية بصورة خاصة والبلاد النامية بصورة عامة.. وذلك لانتشار الرضاعة من الأم وإذا لم تتيسر الرضاعة من الأم فإن المرضعات لا يزلن بحمد الله موجودات.. ولا تزال المجتمعات الإسلامية تعيش نوعًا من التكافل والترابط الأسرى، ففي الأسرة الكبيرة التي عادة ما تضم العمات أو الخالات هناك أكثر من امرأة تستطيع الإرضاع في الأسرة فإذا تعذر على واحدة منهن إرضاع طفلها كان هناك من القريبات أو الجارات أو الصديقات من يقمن بهذا العمل الإنساني العظيم، وإذا تعذر ذلك كله وهو أمر نادر الحدوث فهناك أيضًا المرضعات بأجر أو بغير أجر احتسابًا للثواب عند الله تعالى.


(١) ندوة الإنجاب في ضوء الإسلام ص ٤٦٦ نقلًا عن الأهرام ٢٣/ ٨/ ١٩٨٣ حتى ٢٩/ ٨/ ١٩٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>