للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيخ تقي العثماني:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. شكراَ سيدي الرئيس

ان هذه المسألة من الناحية الشرعية متوقفة على مسألة أساسية وهي أن الرضاع المحرم هل يجب أن يكون عن طريق الامتصاص من الثدي أو يجوز من أي طريق آخر أيضًا وقد ذكر فضيلة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله أن المذهب السائد عند الأئمة الأربعة هو أن تحريم الرضاعة لا يشترط له الامتصاص من الثدي، وأن هذا المذهب فيما أظن ليس قوياَ من حيث كثرة الآراء فقط وإنما هو قوى من حيث الدليل من الأحاديث الدالة على تحريم الرضاعة أيضًا. فمن المعروف حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا رضاعة إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم)) فان هذا الحديث دليل على أن علة التحريم في الرضاعة هو ليس الامتصاص من الثدي وانما هو إنشاز العظم وإنبات اللحم. وان إنشاز العظم وإنبات اللحم كما يكون من الامتصاص من الثدي يكون من الحليب المحلوب أيضًا. إلى جانب ذلك قد أخذ ابن سعد في الطبقات أن سالما مولى أبى حذيفة رضى الله تعالى عنه إنما ارتضع من لبن محلوب في إناء ومع ذلك جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم محرماَ، وإن هذه الرؤية موجودة في طبقات ابن سعد وقد ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة وسكت عليها بما يدل على أنها مقبولة عنده. فان حرمة سالم مولى أبى حذيفة على أمه الرضاعية إنما ثبتت بارتضاع اللبن من اللبن المحلوب في الإناء لا الامتصاص من الثدي. فهذا دليل على أن الرضاع محرم سواء كان محلوباَ أو ممصوصاَ من الثدي. والأئمة الأربعة متفقون على هذا وأما ما ذهب إليه ابن حزم رحمه الله تعالى وبعض أهل الظاهر فقد عارضته الأمة باجماعها، اما الضرورة التي تدعو إلى إنشاء بنوك الحليب فقد كفانا في هذا الموضوع الأستاذ البار حفظه الله ولا أرى أن في العالم الإسلامي أية ضرورة إلى إنشاء بنوك الحليب مثل هذه وشكراَ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

<<  <  ج: ص:  >  >>