للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ مصطفي الزرقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الأساتذة الكرام أنا أولاَ أرى فيما ذكره أخونا حفظه الله ابن الأستاذ الكبير المرحوم الشيخ شفيق العثماني فيما يتعلق بترجيح المذهب ولا أسمي أصحابه أي مذهب كان، المذهب الذي يرى أن التحريم لا يتوقف على الامتصاص من الثدي ولا على مقدار وبين من يشترط ذلك، يعنى ليس نحن الآن في هذا الصدد في ترجيح مذاهب على مذاهب. نحن في مثل هذا المقام كما ذكر فضيلة الأخ القرضاوي نحن في مقام نحتاج فيه أن نعالج مشكلات قائمة نواجهها وقد تحدث دون إرادتنا. ولكن علينا أن ننظر في حكمها وهي من قضايا الساعة، فنحن في مقام لا يجب علينا أن نوازن بهذه الدقة بين الأدلة التي ذكرها فضيلة الأخ الكريم هذه أيضًا يقابلها من وجهة النظر الأخرى لمن يرون خلافها أدلة أيضًا هي محل اعتبار وكل يرى أن أدلته هي الأقوى. ولذلك تبني رأيه، نحن لسنا في هذا المقام أن نأتي فندخل في الترجيح بين المذاهب، نحن يكفينا عندما نواجه مسألة أن يكون أمامنا مذاهب معتبرة مسلم لأصحابها بالاجتهاد دون أن ندخل بعد ذلك في تفصيل الأدلة وإنما لنا أن نختار من هذه المذاهب ما نراه يحل مشاكلنا. هذا المبدأ أحببت أن أنبه عليه لكي يكون دستوراَ فيما بعد، لأننا لا يصح أن ندخل في انتصار لمذهب على مذهب متى كانت المذاهب محل اعتبار ومسلم لأهلها بأهلية الاجتهاد ورأيهم، من قلده لقي الله سالماَ، عندئذ يكفينا نحن أن نأخذ بها إذا كان نجد فيها حلاَ لمشكلتنا. ليس مقام ترجيح أدلة ومذاهب.. ثانياَ من جهة أخرى أن أرى أن المسألة ذات شقين ولا يكفي نحن أن نقول في إنشاء هذه البنوك مصلحة أو مفسدة يبنى عليها جواز أو تحريم. نحن نعالج المسألة من ناحيتين، من هذه الناحية أولاَ وهي هل يجوز أن يستحسن إنشاء بنوك للحليب في مثل هذه الأوضاع التي صورت فيها الحاجة وانتشرت في بعض البلاد ويراد أيضًا أن تنشأ في بلادنا وقد تنشأ بدون إرادتنا ينشئها من ينشئونها والحكومات تفعلها دون أن تأخذ رأي العلماء. فهل يجوز هذا أو هل يستحسن لحل هذه المشكلة أو لا يجوز؟ والناحية الأخرى وهي التي أرى أن مجرد الجواب عن الأولى لا يغني عنها، وهي أنه لو أنشئ بنك للحليب فعلاَ في بلد ما من البلاد الإسلامية وحصل فيه أرضاع الأطفال بهذه الطريقة، فما الحكم في هذا الرضاع؟ بقطع النظر عن كون إنشاء البنك مقبولاَ أو جائزاَ أو مستحسناَ أو غير جائز وان له محإذير، بغض النظر عن كل هذا، لو حصل هذا بالفعل وأنشئ بنك من هذا القبيل ولو بدون فتوى من علماء. فما حكم هؤلاء الأطفال من حيث الرضاع وأثره على الذين يرتضعون أو يربون على هذا اللبن؟ هذه نقطة يجب أن يتناولها البحث، والذي أرى أنه في حالة إنشاء البنك، أنا مع الأساتذة الأخوان الذين يرون أنه لا حاجة إلى إنشاء هذه البنوك كما يبين الدكتور البار، وأننا بعد في هذه المرحلة في غنى عنها. ولكن لو حصل هذا فعلاَ فهل نفتي بالتحريم بين هؤلاء الأطفال والذين قد يفوق عددهم الحصر والذين لا نعرف من هن النساء اللاتي تكون الحليب من أثدائهن. فهل تحكم بالحرمة وما نتائج الحرمة وإلى أي نطاق تصل، أو لا نحكم بحرمتها؟ أنا الذي أراه أن الأدلة التي أتى بها الأستاذ القرضاوي، أيده الله ورحمنا جميعاَ أحياء وأمواتاَ، أن أخانا الكبير الأستاذ القرضاوي حفظه الله وأيده ما أتى به من أدلة وملاحظات يترجح معها اعتبار عدم التحريم للأسباب وللمذاهب التي بينها وهي مذاهب معتبرة وللشك في تحقق شرائط التحريم بالاتفاق هذا كله يكفي لأن نقول أنه لو حصل بالفعل إنشاء هذه البنوك فإن هذا لا يؤثر تحريمه هذا الذي أراه

<<  <  ج: ص:  >  >>