للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن مما تقدم يتضح كيف أن تحديد الموت كان ولا يزال يواجه صعوبات جمة وخاصة بالنسبة لعامة الناس.. وكان تحديد موت شخص قد عاش فترة ثم مات أقل صعوبة من تحديد موت وليد خرج لتوه من بطن أمه ولم يستهل صارخا ولا شك أن عددا كبيراَ من هؤلاء الأطفال قد أعلنت وفاتهم في الماضي بينما هم في الواقع كانوا عند إعلان وفاتهم أحياء ولو كانت وسائل التشخيص والإسعاف كما هي الآن لأمكن إنقإذ الآلاف من هؤلاء الأطفال الذين أعلنت وفاتهم في الماضي. لأن بعض الفقهاء آنذاك حددوا بدء الحياة بالاستهلال بالصراخ!

وكذلك في مراحل العمر المختلفة كان الشخص يعتبر ميتا وهو في الواقع حي ومثال ذلك ما يضربه الفقهاء (نقلا عن كلام مفتى تونس في صحيفة الشرق الأوسط المتقدم ذكر) من أن عمر رضى الله عنه لما طعن كان معدوداَ في الأموات.. وأنه لو مات له مورث لما ورثه وهو قول ابن القاسم، ولو قتل رجل عمر في تلك الحالة لما قتل به وإن كان عمر يتكلم ويعهد ولا شك ان عمر رضى الله عنه كان حيا بعد ما طعن وقد بقى ثلاثة أيام ولو كان الطب متقدما آنذاك لأمكن إنقإذه بإذن الله وقد استدل الطبيب آنذاك بأن عمر ميت عندما سقاه لبنا فخرج من أمعائه من الجرح واليوم لا تعتبر مثل هذه الحالة مميتة بل يمكن إلى حد كبير إنقإذها بإذن الله.

وقد تمكن الأطباء من إنقإذ الرئيس ريجان بعد إصابته برصاصة مزقت رئته ومرت بشغاف قلبه (التأحور) عندما قام شخص بالاعتداء على حياته وهناك مئات الحالات المماثلة التي ينقذها الأطباء كل يوم ولو حصل هذا الاعتداء في زمن سابق لأعلن الفقهاء قبل الأطباء موته.

نتيجة لهذه الأسباب ولكثرة الأخطاء النسبية في تشخيص الموت لم يعد من حق الأشخاص العاديين أن يعلنوا الموت أو الحياة بل تحول ذلك إلى فئة مختصة بهذا الموضوع هم الأطباء وقد أصبح الأطباء في دول العالم أجمع هم الذين أنيط بهم إصدار شهادات الميلاد أو شهادة الوفاة.

ورغم ذلك فإن إعلان الميلاد أو الوفاة يتم في الأرياف والقرى في معظم أنحاء العالم الثالث دون معاينة الطبيب.. بل إن إعلان الوفاة قد يتم في المدن دون معاينة الطبيب حيث يكتفي بشهادة الأهل ويصدر الطبيب شهادته بناء على ذلك.

وهذا ما يفسر ما تنشره الصحف من أن طفلا أو رجلا أو امرأة قام من قبره يمشي إذ أن هذا الشخص لم يمت في الواقع بل إن الأشخاص الذين أعلنوا وفاته لم يكونوا على دراية كافية بهذا الموضوع الذي يبدو سهلا في كثير من حالاته إلا أنه يصبح شديد التعقيد في بعض الحالات.

<<  <  ج: ص:  >  >>