وإذا اعتبرنا المبلغ المبين في السند مال مضاربة فإن هذا المال تحول إلى مبان، وهذه المباني كما قلنا مملوكة لصاحب السند، لأن أصلها مملوك له، ولا يمكن أن تنتقل ملكيتها إلى وزارة الأوقاف إلا بعقد من العقود الناقلة للملكية، والإطفاء ليس عقدا ولا سببا من أسباب نقل الملكية، فالحديث عن الإطفاء غير مفهوم، ولست أدري من أين أتى القانون بهذه الكلمة، التي لا أصل لها في الفقه الإسلامي، ولا في القانون الوضعي.
ثم إن الحديث عن القيمة الاسمية والقيمة السوقية تعبير في القانون التجاري يستعمل في الأسهم، ولا أعرف استعماله في السندات، لأن السند في القانون يمثل دينا دائما، بخلاف السهم فإنه يمثل حصة في موجودات الشركة، لها قيمة اسمية وقيمة سوقية، وقيمة حقيقية.
فالحديث عن إطفاء سندات المقارضة غير مقبول في جميع الحالات.
٩- ما البديل الشرعي إذن لسندات القرض بفائدة، الذي يحقق لوزارة الأوقاف غرضها في الحصول على أموال تعمر بها أراضي الوقف؟ البديل هو:
أ- سندات القرض الحسن الذي ينتظر المقرض فائدته في الآخرة.
قد يقال: إن الذين يقبلوا على هذا النوع من السندات قليل، وهذا صحيح، ولكنه لا يمنع من الدعوة إليه، والحث عليه، مع توفير الضمانات الكافية التي تطمئن المكتتبين في هذه السندات على استرداد حقوقهم في مواعيدها.
ب- المشاركة المتناقصة، أو المشاركة المنتهية بالتمليك. وهذه الصيغة من المعاملات معمول بها في البنوك الإسلامية، وهي شركة يعد فيها أحد الشريكين شريكه بأن يبيع له نصيبه كله أو بعضه في أي وقت يشاء بعقد ينشآنه عند إرادة البيع.
وفي مسألتنا هذه فإن وزارة الأوقاف تكون شريكا بقيمة الأرض، والجمهور يكون شريكا بما يقدمه من مال، وكل واحد من الشركاء يكون مالكا لجزء من المشروع بقدر ما دفعه من مال.
ويمكن أن يضمن العقد بندا يعد فيه الشريك وزارة الأوقاف بأن يبيع لها نصيبه كله أو بعضه برأس ماله (تولية أو إشراكا) متى رغب في شرائه، ويكون هذا الوعد ملزما للشريك، وتكون الوزارة بالخيار إن شاءت اشترت وإن شاءت تركت، ولا يتم البيع إلا بعقد جديد بتراضي الطرفين.